فصل الرابع والاربعون بعد المئة
لعمر الله الذي تقف نفسي في حضرته أن الله يرسل أنبياءه وخدامه الى العالم ليتوب الخطأة، ولا يرسلهم لأجل الأبرار لأنه ليس بهم حاجة الى التوبة كما انه لا حاجة بمن كان نظيفا الى الحمام، ولكن الحق أقول لكم لو كنتم فريسيين حقيقيين لسررتم بدخولي على الخطأة لخلاصهم، قولوا لي أتعرفون منشأكم ولماذا ابتدا العالم يقبل الفريسيين؟، اني لأقول لكم انكم لا تعرفونه، فأصيخوا لاستماع كلامي، ان أخنوخ خليل الله الذي صار مع الله بالحق غير مكترث بالعالم نقل الى الفردوس، وهو يقيم هناك الى الدينونة(لأنه متى اقتربت نهاية العالم يرجع الى العالم مع ايليا وآخر)، فلما علم الناس بذلك شرعوا يطلبون الله خالقهم طمعا في الفردوس، لأن معنى الفردوس بالحرف في لغة الكنعانيين((يطلب الله))، لأنه هناك ابتدأ هذا الاسم على سبيل الاستهزاء بالصالحين، لأن الكنعانيين كانوا منغمسين في عبادة الاصنام التي هي عبادة أيد بشرية، وعليه كان الكنعانيون عندما يرون أحدا ممن كان منفصلا من شعبنا عن العالم ليخدم الله قالوا سخرية فريس أي(( يطلب الله))، كأنهم يقولون أيها المجنون ليس لك تماثيل من أصنام فانك تعبد الريح فانظر الى عقباك واعبد آلهتنا، فقال يسوع: الحق أقول لكم إن كل قديسي الله وأنبيائه كانوا فريسيين لا بالاسم مثلكم بل بالفعل نفسه، لأنهم في كل أعمالهم طلبوا الله خالقهم وهجروا مدنهم ومقتنياتهم حبا في الله فباعوها وأعطوها للفقراء حبا في الله.
الفصل الخامس والاربعون بعد المئة
لعمر الله لقد كان في زمن ايليا خليل الله ونبيه اثنا عشر جبلا يقطنها سبعة عشر ألف فريسي، ولم يكن بين هذا العدد الغفير منبوذ واحد بل كانوا جميعا مختاري الله، أما الان وفي اسرائيل أكثر من مئة ألف فريسي فعسى ان شاء الله أن يوجد بين كل ألف مختار واحد، فأجاب الفريسيون بحنق: أنحن اذا جميعا منبوذون وتجعل ديانتنا منبوذة؟، أجاب يسوع: اني لا أحسب ديانة الفريسيين الحقيقيين منبوذة بل ممدوحة واني مستعد أن أموت لاجلها، ولكن تعالوا ننظر هل أنتم فريسيون؟، ان ايليا خليل الله كتب اجابة لتضرع تلميذه أليشع كتيبا أودع فيه الحكمة البشرية مع شريعة الله أبينا، فتحير الفريسيون لما سمعوا اسم كتاب ايليا لأنهم عرفوا بتقليداتهم أن لا أحد حفظ هذا التعليم، لذلك أرادوا أن ينصرفوا بحجة اشغال يجب قضاؤها، حينئذ قال يسوع: لو كنتم فريسيين لتركتم كل شغل ولاحظتم هذا لأن الفريسي إنما يطلب الله وحده، لذلك تأخروا بارتباك ليصغوا الى يسوع الذي عاد فقال ، ( ايليا عبد الله ) لأنه هكذا يبتدئ الكتيب ( يكتب هذا لجميع الذين يبتغون أن يسيروا مع الله خالقهم، ان من يحب أن يتعلم كثيرا يخاف الله قليلا، لأن من يخاف الله يقنع بأن يعرف ما يريده الله فقط، ان من يطلب كلاما مزوقا لا يطلب الله الذي لا يفعل الا توبيخ خطايانا، على من يشتهون أن يطلبوا الله أن يحكموا اقفال أبواب بيتهم وشبابيكه، لأن السيد لا يرضى أن يوجد خارج بيته حيث لا يحب، فاحرسوا مشاعركم واحرسوا قلبكم لأن الله لا يوجد خارجا عنا في هذا العالم الذي يكرهه، على من يريدون أن يعملوا أعمالا صالحة أن يلاحظوا أنفسهم لأنه لا يجدي المرء نفعا أن يربح كل العالم ويخسر نفسه، على من يريدون تعليم الآخرين أن يعيشوا أفضل من الآخرين لأنه لا يستفاد شيء ممن يعرف أقل منا نحن، فكيف اذا يصلح الخاطئ حياته وهو يسمع من هو شر منه يعلمه، على من يطلبون الله أن يهرب من محادثة البشر، لان موسى لما كان وحده على جبل سينا وجد الله وكلمه كما يكلم الخليل خليله، على من يطلبون الله أن يخرجوا مرة كل ثلاثين يوما الى حيث يكون أهل العالم، لأنه يمكن أن يعمل في يوم واحد أعمال سنتين من خصوص شغل الذي يطلب الله، عليه متى تكلم أن لا ينظر الا الى قدميه، عليه متى تكلم أن لا يقول الا ما كان ضروريا، عليهم متى أكلوا أن يقوموا عن المائدة وهم دون الشبع، مفكرين كل يوم انهم لا يبلغون اليوم التالي، وصارفين وقتهم كما يتنفس المرء، ليكن ثوب واحد من جلد الحيوانات كافيا، على كتلة التراب أن تنام على الاديم، ليكف كل ليلة ساعتان من النوم، عليه أن لا يبغض أحدا الا نفسه، عليهم أن يكونوا واقفين اثناء الصلاة بخوف كأنهم أمام الدينونة الآتية فافعلوا اذا هذا في خدمة الله مع الشريعة التي أعطاكم اياها الله على يد موسى، لأنه بهذه الطريقة تجدون الله، وانكم ستشعرون في كل زمان ومكان انكم في الله وان الله فيكم، هذا كتيب ايليا أيها الفريسيون لذلك أعود فأقول لكم لو كنتم فريسيين لسررتم بدخولي هنا لأن الله يرحم الخطأة.
الفصل السادس والاربعون بعد المئة
فقال حينئذ زكا: يا سيد انظر فاني اعطى حبا في الله اربعة أضعاف ما أخذت بالربا، حينئذ قال يسوع: اليوم حصل خلاص لهذا البيت، حقا حقا ان كثيرين من العشارين والزوانى والخطأة سيمضون الى ملكوت الله، وسيمضي الذين يحسبون أنفسهم أبرارا الى اللهب الأبدية، فلما سمع الفريسيون هذا انصرفوا حانقين، ثم قال يسوع للذين تحولوا الى التوبة ولتلاميذه: كان لأب ابنان فقال اصغرهما: ( يا أبت أعطني نصيبي من المال) فأعطاه أبوه اياه، فلما اخذ نصيبه انصرف وذهب الى كورة بعيدة حيث بذر كل ماله على الزانيات باسراف، فحدث بعد ذلك جوع شديد في تلك الكورة حتى إن الرجل التعيس ذهب ليخدم أحد الاهالي فجعله راعيا للخنازير في ملكه، وكان وهو يرعاها يخفف جوعه بأكل ثمر البلوط مع الخنازير، ولكنه لما رجع الى نفسه قال: (كم في بيت أبي من سعة العيش وأنا أهلك هنا جوعا، لذلك فلأقم ولأذهب الى أبي وأقل له: (يا أبت أخطأت في السماء اليك فاجعلني كأحد خدمك)، فذهب المسكين وحدث أن أباه رآه قادما من بعيد فتحنن عليه فذهب لملاقاته ولما وصل اليه عانقه وقبله، فانحنى الابن أمام أبيه قائلا: ( يا أبت لقد أخطأت في السماء اليك فاجعلني كأحد خدمك لأني لست مستحقا أن ادعى ابنك)، أجاب الاب: (لا تقل يابني هكذا فأنت ابني ولا أسمح أن تكون عبدا لي)، ثم دعا خدمه وقال: (اخرجوا الحلل وألبسوا ابني اياها وأعطوه سراويل جديدة، اجعلوا الخاتم في اصبعه، واذبحوا حالا العجل المسمن فنطرب، لأن ابني هدا كان ميتا فعاش وكان ضالا فوجد).
الفصل السابع والاربعون بعد المئة
وبينما كانوا يطربون في البيت واذا بالبكر جاء الى البيت، فلما سمعهم يطربون في الداخل تعجب، فدعا أحد الخدم وسأله لماذا كانوا في مثل هذا الطرب، أجاب الخادم: (لقد جاء اخوك فذبح له ابوك العجل المسمن وهم في طرب)، فلما سمع البكر هذا تغيظ غيظا شديدا ولم يدخل البيت، فخرج أبوه اليه وقال له: (يا بني لقد جاء أخوك فتعال اذا وافرح معه)، أجاب الابن بغيظ: (لقد خدمتك خير خدمة فلم تعطني قط حملا لافرح مع اصدقائى، ولكن لما جاء هذا الخسيس الذي انصرف عنك مبذرا نصيبه كله على الزانيات ذبحت العجل المسمن)، أجاب الاب: ( يا بني أنت معي في كل حين وكل مالي فهو لك ولكن هذا كان ميتا فعاش وكان ضالا فوجد)، فازداد الكبير غضبا وقال: ( اذهب وفز فاني لا آكل على مائدة زناة)، وانصرف عن أبيه دون أن يأخذ قطعة واحدة من النقود، ثم قال يسوع: لعمر الله هكذا يكون فرح بين ملائكة الله بخاطئ واحد يتوب، ولما أكلوا انصرف لأنه يريد أن يذهب الى اليهودية، فقال من ثم التلاميذ: يا معلم لا تذهب الى اليهودية لأننا نعلم ان الفريسيين قد ائتمروا مع رئيس الكهنة بك، أجاب يسوع: ان(( اني)) علمت بذلك قبل أن فعلوه، ولكن لا أخاف لأنهم لا يقدرون أن يفعلوا شيئا مضادا لمشيئة الله فليفعلوا كل ما يرغبون، فاني لا أخافهم بل أخاف الله.
الفصل الثامن والاربعون بعد المئة
الا قولوا لي هل فريسيو اليوم فريسيون؟، هل هم خدم الله؟، لا لا البتة، بل الحق أقول لكم انه لا يوجد هنا على الارض شر من أن يستر الانسان نفسه بالعلم ووشاح الدين ليخفي خبثه، اني أقص عليكم مثالا واحدا من فريسي الزمان القديم لكي تعرفوا الحاضرين منهم، بعد سفر ايليا تشتت شمل طائفة الفريسيين بسبب الاضطهاد العظيم من عبدة الاصنام، لأنه ذبح في زمن ايليا نفسه في سنة واحدة عشرة آلاف نبي ونيف من الفريسيين الحقيقيين، فذهب فريسيان الى الجبال ليقطنا هناك، ولبث احدهما خمس عشرة سنة لا يعرف شيئا عن جاره مع ان أحدهما كان على بعد ساعة واحدة عن الاخر، فانظروا اذا كانا طفيليين، فحدث في هذه الجبال قيظ فشرعا من ثم كلاهما يفتشان على ماء فالتقيا، فقال هناك الاكبر منهما لأنه كان من عادتهم أن يتكلم الاكبر قبل كل أحد غيره واذا تكلم شاب قبل شيخ حسبوا ذلك خطيئة كبرى : (أين تسكن أيه الاخ؟)، فأجاب مشيرا باصبعه الى المسكن: (ههنا اسكن) لأنهما كانا قريبين من مسكن الاصغر، فقال الاكبر: (لعلك أتيت لما قتل أخاب أنبياء الله؟)، أجاب الاصغر: ( انه لكذلك)، قال الاكبر: (اتعلم أيها الاخ من هو الملك على اسرائيل الآن؟)، فأجاب الاصغر: ( ان الله هو ملك اسرائيل لأن عبدة الاصنام ليسوا ملوكا بل مضطهدين لاسرائيل)، قال الاكبر: (ان هذا صحيح ولكن أردت أن أقول من هو الذي يضطهد اسرائيل الآن)، أجاب الاصغر: ( ان خطايا اسرائيل تضطهد اسرائيل لأنهم لو لم يخطئوا لم يسلط(الله) على اسرائيل العظماء عبدة الأصنام، فقال حينئذ الاكبر: ( من هو ذلك العظيم الكافر الذي أرسله الله لتأديب اسرائيل)؟ أجاب الاصغر: (كيف يمكن أن أعرف وأنا لم أر انسانا مدة هذه الخمس عشرة سنة سواك وأجهل القراءة فلا ترسل إلي رسائل؟ )، قال الاكبر: (ما أجد جلود الغنم التي عليك فاذا كنت لم تر انسانا فمن اعطاك اياها ؟ ).
الفصل التاسع والاربعون بعد المئة
أجاب الاصغر: (ان من حفظ ثياب شعب اسرائيل جديدة أربعين سنة في البرية حفظ جلودي كما ترى، حينئذ لاحظ الاكبر ان الاصغر كان أكبر منه لأنه كان أكمل منه لأنه كان كل سنة يختلط بالناس، ولذلك قال لكي يظفر بمحادثته: (أيها الاخ انك لا تعرف القراءة وأنا أعرف القراءة وعندي في بيتي مزامير داود، فتعال اذا لأعطيك كل يوم قراءة وأوضح لك ما يقول داود)، أجاب الاصغر: (لنذهب الآن)، قال الاكبر: ( أيها الاخ انني منذ يومين لم أشرب ماء فلنفتش اذا على قليل من الماء)، قال الاصغر: ( أيها الاخ منذ شهرين لم أشرب ماء فلنذهب اذا ونرى ماذا يقول الله على لسان نبيه داود، ان الله لقادر على أن يعطينا ماء)، فعادوا من ثم الى مسكن الاكبر فوجدوا على بابه ينبوعا من ماء عذب، قال الاكبر: ( انك أيها الاخ قدوس الله لأنه من أجلك قد أعطى هذا الينبوع)، أجاب الاصغر: ( انك أيها الاخ تقول هذا تواضعا، ولكن من المؤكد انه لو فعل الله هذا من أجلي لكان صنع ينبوعا قريبا من مسكني حتى لا أنصرف (للتفتيش عليه)، فاني اعترف لك بأني أخطأت اليك لما قلت انك منذ يومين لم تشرب وكنت تفتش على الماء، أما أنا فاني بقيت شهرين دون شرب ولذلك شعرت باعجاب فيّ كأني أفضل منك)، قال الاكبر: ( أيها الاخ انك قلت الصحيح ولذلك لم تخطئ)، قال الاصغر: (انك قد نسيت أيها الاخ ما قال أبونا ايليا ان من يطلب الله يجب أن يحكم على نفسه فقط، ومن المؤكد أنه قال هذا لا لنعرفه بل لنعمل به)، وبعد ان لاحظ الاكبر سنا صدق وبرارة رفيقه قال: ( إنه لصحيح غفر لك إلهنا)، وبعد إن هذا أخذ المزامير وقرأ ما يقول أبونا داود : ( إني أضع حارسا لفمي حتى لا يميل قلبي إلى كلمات الاثم منتحلا عذرا عن خطاياى)، وهنا القى الشيخ خطابا على اللسان وانصرف الاصغر، فلبثا من ثم خمس عشرة سنة اخرى حتى التقيا لأن الاصغر غيّر مسكنه، لذلك عندما عاد الاكبر فلقيه قال: ( لماذا لم ترجع أيها الاخ الى مسكني؟)، أجاب الاصغر: ( لأني لم أتعلم جيدا حتى الان ما قلته لي)، فقال الاكبر: (كيف يمكن ذلك وقد مرت الآن خمس عشرة سنة)، أجاب الاصغر: (اما الكلمات فقد تعلمتها في ساعة واحدة ولم أنسها قط ولكني حتى الان لم أحفظها، فما الفائدة من أن يتعلم المرء كثيرا جدا ولا يحفظه؟، ان الله لا يطلب أن تكون بصيرتنا جيدة بل قلبنا، وهكذا لا يسألنا في يوم الدينونة عما تعلمنا بل عما عملنا).
الفصل المئة والخمسون
أجاب الاكبر: ( لاتقل هكذا أيها الاخ لأنك إنما تحتقر المعرفة التي يريد الله أن تعتبر ) ، أجاب الاصغر : ( فكيف أتكلم اذا حتى لا أقع في الخطيئة ، لأن كلمتك صادقة وكلمتي أيضا ، أقول اذا ان من يعرف وصايا الله المكتوبة في الشريعة يجب عليه العمل بهذه أولا اذا أحب أن يتعلم بعد ذلك أكثر، وليكن كل ما يتعلمه الانسان للعمل لا(لمجرد) العلم به)، أجاب الاكبر: (قل لي أيها الأخ مع من تكلمت لتعلم انك لم تتعلم كل ما قلته؟)، أجاب الاصغر: (اني أتكلم أيها الاخ مع نفسي، اني أضع كل يوم نفسي أمام دينونة الله لاعطي حسابا عن نفسي، وأشعر على الدوام في داخلي بمن يوبخ ذنوبي)، قال الاكبر: ( ما هي ذنوبك أيها الأخ الذي هو كامل؟)، أجاب الاصغر: (لا تقل هذا لأني واقف بين ذنبين كبيرين، الاول اني لا أعرف نفسي اني أعظم الخطأة، الثاني لا أرغب في مجاهدة النفس لذلك أكثر من الآخرين)، أجاب الاكبر: (كيف تعلم انك أعظم الخطأة اذا كنت أكمل الناس؟) أجاب الاصغر: (ان الكلمة الأولى التي قالها لي معلمي عندما لبست لباس الفريسيين هي أنه يجب علي أن أفكر في خير غيري وفي إثمي فإذا فعلت هذا عرفت أنني أعظم الخطأة ) ، قال الأكبر : ( في خير من وذنب من تفكر وأنت على هذه الجبال فانه لا يوجد بشر هنا؟)، أجاب الاصغر: (يجب على أن أفكر في طاعة الشمس والسيارات، لأنها تعبد خالقها افضل مني، ولكني أحكم عليها اما لأنها لا تعطي نورا كما أرغب أو لأن حرارتها أكثر مما ينبغي أو لأنه يوجد مطر أقل أو أكثر مما تحتاج الارض)، فلما سمع الاكبر هذا قال: ( أيها الاخ أين تعلمت هذا التعليم؟)، فاني أنا الآن ابن تسعين سنة صرفت منها خمسا وسبعين سنة وأنا فريسي؟) أجاب الاصغر: (أيها الاخ انك تقول هذا تواضعا لأنك قدوس الله، ولكن أجيبك بأن الله خالقنا لا ينظر الى الوقت بل ينظر الى القلب، لذلك لما كان داود ابن خمس عشرة سنة وهو أصغر اخوته الستة انتخبه اسرائيل ملكا وصار نبي الله ربنا.
الفصل الحادي والخمسون بعد المئة
وقال يسوع لتلاميذه: لقد كان الرجل فريسيا حقيقيا، وان شاء الله أمكنا أن نأخذه يوم الدين صديقا لنا، ثم دخل يسوع الى سفينة وأسف تلاميذه لأنهم نسوا أن يحضروا خبزا، فانتهرهم يسوع قائلا: احذروا من خمير فريسي يومنا لأن خميرة صغيرة تخمر كيلة من الدقيق، حينئذ قال التلاميذ بعضهم لبعض: أي خمير معنا اذ لم يكن معنا خبز؟، فقال يسوع: يا قليلي الايمان أنسيتم اذا ما فعل الله في نايين حيث لم يكن أدنى دليل على الحنطة؟، وكم عدد الذين أكلوا وشبعوا من خمسة أرغفة وسمكتين؟، ان خمير الفريسي هو عدم الايمان بالله بل قد أفسد اسرائيل، لأن السذج لما كانوا اميين يفعلون ما يرون الفريسيين يفعلونه لأنهم يحسبونهم أطهارا ، أتعلمون ما هو الفريسي الحقيقي؟، هو زيت الطبيعة البشرية، لأن الزيت كما يطفوا فوق كل سائل هكذا تطفوا جودة كل فريسي حقيقي فوق كل صلاح بشرى، هو كتاب حى يمنحه الله للعالم، كل ما يقوله أو يفعله إنما هو بحسب شريعة الله، فمن يفعل كما يفعل فهو يحفظ شريعة الله، إن الفريسي الحقيقي ملح لا يدع الجسد البشري ينتن بالخطيئة، لأن كل من يراه يتوب انه نور ينير طريق السائح لأن كل من يتأمل فقره مع توبته يرى انه لا يجب علينا في هذا العالم أن نغلق قلوبنا، ولكن من يجعل الزيت زنخا ويفسد الكتاب ويجعل الملح منتنا ويطفئ النور فهذا الرجل فريسي كاذب، فاذا كنتم لا تريدون أن تهلكوا فاحذروا أن تفعلوا كما يفعل الفريسيون اليوم.
الفصل الثاني والخمسون بعد المئة
فلما جاء يسوع إلى اورشليم ودخل الهيكل يوم سبت اقترب الجنود ليجربوه ويأخذوه، وقالوا: يا معلم أيجوز اصلاء الحرب؟، أجاب يسوع: ان ديننا يخبرنا ان حياتنا حرب عوان على الارض، قال الجنود: أفتريد اذا أن تحولنا الى دينك أو تريد أن نترك جم الآلهة ( فان لرومية وحدها ثمانية وعشرين ألف إله منظور ) وأن نتبع إلهك الأحد ، ولما كان لا يرى فهو لا يعلم أين مقره، وقد لا يكون سوى باطل، أجاب يسوع: لو كنت خلقتكم كما خلقكم إلهنا لحاولت تغييركم، أجابوا: اذا كان لا يعلم أين إلهك فكيف خلقنا؟، أرنا إلهك نكن يهودا، فقال حينئذ يسوع: لو كان لكم عيون لأريتكم اياه ولكن لما كنتم عميانا فلست بقادر على أن اريكم اياه، أجاب الجنود: حقا لا بد أن يكون الاكرام الذي يقدمه لك الشعب قد سلبك عقلك لأن لكل منا عينين في رأسه وأنت تقول اننا عميان، أجاب يسوع: ان العيون الجسدية لا تبصر إلا الكثيف والخارجي، فلا تقدرون من ثم إلا على رؤية آلهتكم الخشبية والفضية والذهبية التي لا تقدر أن تفعل شيئا، أما نحن أهل يهوذا فلنا عيون روحية هي خوف إلهنا؟ ودينه، ولذلك لا يمكن لنا رؤية إلهنا في كل مكان، أجاب الجنود: احذر كيف تتكلم لأنك اذا صببت احتقارا على آلهتنا سلمناك إلى يد هيرودس الذي ينتقم لآلهتنا القادرة على كل شيء، أجاب يسوع: ان كانت قادرة على كل شيء كما تقولون فعفوا لاني سأعبدها، ففرح الجنود لما سمعوا هذا وأخذوا يمجدون أصنامهم، فقال حينئذ يسوع: لا حاجة بنا هنا الى الكلام بل الى الاعمال، فاطلبوا لذلك من آلهتكم أن تخلق ذبابة واحدة فأعبدها، فراع الجنود سماع هذا ولم يدروا ما يقولون، فقال من ثم يسوع: اذا كانت لا تقدر أن تصنع ذبابة واحدة جديدة فاني لا أترك لأجلها ذلك الإله الذي خلق كل شيء بكلمة واحدة الذي مجرد اسمه يروع جيوشا، أجاب الجنود: لنرى هذا لأننا نريد أن نأخذك وأرادوا أن يمدوا أيديهم الى يسوع، فقال حينئذ يسوع: ((ادوناى صباءوت!))، ففي الحال تدحرجت الجنود من الهيكل كما يدحرج المرء براميل من خشب غسلت لتملأ ثانية خمرا، فكانوا يلتطمون بالأرض تارة برأسهم وطورا بأرجلهم وذلك دون أن يمسهم أحد، فارتاعوا وأسرعوا إلى الهرب ولم يعودوا يروا في اليهودية قط.
لعمر الله الذي تقف نفسي في حضرته أن الله يرسل أنبياءه وخدامه الى العالم ليتوب الخطأة، ولا يرسلهم لأجل الأبرار لأنه ليس بهم حاجة الى التوبة كما انه لا حاجة بمن كان نظيفا الى الحمام، ولكن الحق أقول لكم لو كنتم فريسيين حقيقيين لسررتم بدخولي على الخطأة لخلاصهم، قولوا لي أتعرفون منشأكم ولماذا ابتدا العالم يقبل الفريسيين؟، اني لأقول لكم انكم لا تعرفونه، فأصيخوا لاستماع كلامي، ان أخنوخ خليل الله الذي صار مع الله بالحق غير مكترث بالعالم نقل الى الفردوس، وهو يقيم هناك الى الدينونة(لأنه متى اقتربت نهاية العالم يرجع الى العالم مع ايليا وآخر)، فلما علم الناس بذلك شرعوا يطلبون الله خالقهم طمعا في الفردوس، لأن معنى الفردوس بالحرف في لغة الكنعانيين((يطلب الله))، لأنه هناك ابتدأ هذا الاسم على سبيل الاستهزاء بالصالحين، لأن الكنعانيين كانوا منغمسين في عبادة الاصنام التي هي عبادة أيد بشرية، وعليه كان الكنعانيون عندما يرون أحدا ممن كان منفصلا من شعبنا عن العالم ليخدم الله قالوا سخرية فريس أي(( يطلب الله))، كأنهم يقولون أيها المجنون ليس لك تماثيل من أصنام فانك تعبد الريح فانظر الى عقباك واعبد آلهتنا، فقال يسوع: الحق أقول لكم إن كل قديسي الله وأنبيائه كانوا فريسيين لا بالاسم مثلكم بل بالفعل نفسه، لأنهم في كل أعمالهم طلبوا الله خالقهم وهجروا مدنهم ومقتنياتهم حبا في الله فباعوها وأعطوها للفقراء حبا في الله.
الفصل الخامس والاربعون بعد المئة
لعمر الله لقد كان في زمن ايليا خليل الله ونبيه اثنا عشر جبلا يقطنها سبعة عشر ألف فريسي، ولم يكن بين هذا العدد الغفير منبوذ واحد بل كانوا جميعا مختاري الله، أما الان وفي اسرائيل أكثر من مئة ألف فريسي فعسى ان شاء الله أن يوجد بين كل ألف مختار واحد، فأجاب الفريسيون بحنق: أنحن اذا جميعا منبوذون وتجعل ديانتنا منبوذة؟، أجاب يسوع: اني لا أحسب ديانة الفريسيين الحقيقيين منبوذة بل ممدوحة واني مستعد أن أموت لاجلها، ولكن تعالوا ننظر هل أنتم فريسيون؟، ان ايليا خليل الله كتب اجابة لتضرع تلميذه أليشع كتيبا أودع فيه الحكمة البشرية مع شريعة الله أبينا، فتحير الفريسيون لما سمعوا اسم كتاب ايليا لأنهم عرفوا بتقليداتهم أن لا أحد حفظ هذا التعليم، لذلك أرادوا أن ينصرفوا بحجة اشغال يجب قضاؤها، حينئذ قال يسوع: لو كنتم فريسيين لتركتم كل شغل ولاحظتم هذا لأن الفريسي إنما يطلب الله وحده، لذلك تأخروا بارتباك ليصغوا الى يسوع الذي عاد فقال ، ( ايليا عبد الله ) لأنه هكذا يبتدئ الكتيب ( يكتب هذا لجميع الذين يبتغون أن يسيروا مع الله خالقهم، ان من يحب أن يتعلم كثيرا يخاف الله قليلا، لأن من يخاف الله يقنع بأن يعرف ما يريده الله فقط، ان من يطلب كلاما مزوقا لا يطلب الله الذي لا يفعل الا توبيخ خطايانا، على من يشتهون أن يطلبوا الله أن يحكموا اقفال أبواب بيتهم وشبابيكه، لأن السيد لا يرضى أن يوجد خارج بيته حيث لا يحب، فاحرسوا مشاعركم واحرسوا قلبكم لأن الله لا يوجد خارجا عنا في هذا العالم الذي يكرهه، على من يريدون أن يعملوا أعمالا صالحة أن يلاحظوا أنفسهم لأنه لا يجدي المرء نفعا أن يربح كل العالم ويخسر نفسه، على من يريدون تعليم الآخرين أن يعيشوا أفضل من الآخرين لأنه لا يستفاد شيء ممن يعرف أقل منا نحن، فكيف اذا يصلح الخاطئ حياته وهو يسمع من هو شر منه يعلمه، على من يطلبون الله أن يهرب من محادثة البشر، لان موسى لما كان وحده على جبل سينا وجد الله وكلمه كما يكلم الخليل خليله، على من يطلبون الله أن يخرجوا مرة كل ثلاثين يوما الى حيث يكون أهل العالم، لأنه يمكن أن يعمل في يوم واحد أعمال سنتين من خصوص شغل الذي يطلب الله، عليه متى تكلم أن لا ينظر الا الى قدميه، عليه متى تكلم أن لا يقول الا ما كان ضروريا، عليهم متى أكلوا أن يقوموا عن المائدة وهم دون الشبع، مفكرين كل يوم انهم لا يبلغون اليوم التالي، وصارفين وقتهم كما يتنفس المرء، ليكن ثوب واحد من جلد الحيوانات كافيا، على كتلة التراب أن تنام على الاديم، ليكف كل ليلة ساعتان من النوم، عليه أن لا يبغض أحدا الا نفسه، عليهم أن يكونوا واقفين اثناء الصلاة بخوف كأنهم أمام الدينونة الآتية فافعلوا اذا هذا في خدمة الله مع الشريعة التي أعطاكم اياها الله على يد موسى، لأنه بهذه الطريقة تجدون الله، وانكم ستشعرون في كل زمان ومكان انكم في الله وان الله فيكم، هذا كتيب ايليا أيها الفريسيون لذلك أعود فأقول لكم لو كنتم فريسيين لسررتم بدخولي هنا لأن الله يرحم الخطأة.
الفصل السادس والاربعون بعد المئة
فقال حينئذ زكا: يا سيد انظر فاني اعطى حبا في الله اربعة أضعاف ما أخذت بالربا، حينئذ قال يسوع: اليوم حصل خلاص لهذا البيت، حقا حقا ان كثيرين من العشارين والزوانى والخطأة سيمضون الى ملكوت الله، وسيمضي الذين يحسبون أنفسهم أبرارا الى اللهب الأبدية، فلما سمع الفريسيون هذا انصرفوا حانقين، ثم قال يسوع للذين تحولوا الى التوبة ولتلاميذه: كان لأب ابنان فقال اصغرهما: ( يا أبت أعطني نصيبي من المال) فأعطاه أبوه اياه، فلما اخذ نصيبه انصرف وذهب الى كورة بعيدة حيث بذر كل ماله على الزانيات باسراف، فحدث بعد ذلك جوع شديد في تلك الكورة حتى إن الرجل التعيس ذهب ليخدم أحد الاهالي فجعله راعيا للخنازير في ملكه، وكان وهو يرعاها يخفف جوعه بأكل ثمر البلوط مع الخنازير، ولكنه لما رجع الى نفسه قال: (كم في بيت أبي من سعة العيش وأنا أهلك هنا جوعا، لذلك فلأقم ولأذهب الى أبي وأقل له: (يا أبت أخطأت في السماء اليك فاجعلني كأحد خدمك)، فذهب المسكين وحدث أن أباه رآه قادما من بعيد فتحنن عليه فذهب لملاقاته ولما وصل اليه عانقه وقبله، فانحنى الابن أمام أبيه قائلا: ( يا أبت لقد أخطأت في السماء اليك فاجعلني كأحد خدمك لأني لست مستحقا أن ادعى ابنك)، أجاب الاب: (لا تقل يابني هكذا فأنت ابني ولا أسمح أن تكون عبدا لي)، ثم دعا خدمه وقال: (اخرجوا الحلل وألبسوا ابني اياها وأعطوه سراويل جديدة، اجعلوا الخاتم في اصبعه، واذبحوا حالا العجل المسمن فنطرب، لأن ابني هدا كان ميتا فعاش وكان ضالا فوجد).
الفصل السابع والاربعون بعد المئة
وبينما كانوا يطربون في البيت واذا بالبكر جاء الى البيت، فلما سمعهم يطربون في الداخل تعجب، فدعا أحد الخدم وسأله لماذا كانوا في مثل هذا الطرب، أجاب الخادم: (لقد جاء اخوك فذبح له ابوك العجل المسمن وهم في طرب)، فلما سمع البكر هذا تغيظ غيظا شديدا ولم يدخل البيت، فخرج أبوه اليه وقال له: (يا بني لقد جاء أخوك فتعال اذا وافرح معه)، أجاب الابن بغيظ: (لقد خدمتك خير خدمة فلم تعطني قط حملا لافرح مع اصدقائى، ولكن لما جاء هذا الخسيس الذي انصرف عنك مبذرا نصيبه كله على الزانيات ذبحت العجل المسمن)، أجاب الاب: ( يا بني أنت معي في كل حين وكل مالي فهو لك ولكن هذا كان ميتا فعاش وكان ضالا فوجد)، فازداد الكبير غضبا وقال: ( اذهب وفز فاني لا آكل على مائدة زناة)، وانصرف عن أبيه دون أن يأخذ قطعة واحدة من النقود، ثم قال يسوع: لعمر الله هكذا يكون فرح بين ملائكة الله بخاطئ واحد يتوب، ولما أكلوا انصرف لأنه يريد أن يذهب الى اليهودية، فقال من ثم التلاميذ: يا معلم لا تذهب الى اليهودية لأننا نعلم ان الفريسيين قد ائتمروا مع رئيس الكهنة بك، أجاب يسوع: ان(( اني)) علمت بذلك قبل أن فعلوه، ولكن لا أخاف لأنهم لا يقدرون أن يفعلوا شيئا مضادا لمشيئة الله فليفعلوا كل ما يرغبون، فاني لا أخافهم بل أخاف الله.
الفصل الثامن والاربعون بعد المئة
الا قولوا لي هل فريسيو اليوم فريسيون؟، هل هم خدم الله؟، لا لا البتة، بل الحق أقول لكم انه لا يوجد هنا على الارض شر من أن يستر الانسان نفسه بالعلم ووشاح الدين ليخفي خبثه، اني أقص عليكم مثالا واحدا من فريسي الزمان القديم لكي تعرفوا الحاضرين منهم، بعد سفر ايليا تشتت شمل طائفة الفريسيين بسبب الاضطهاد العظيم من عبدة الاصنام، لأنه ذبح في زمن ايليا نفسه في سنة واحدة عشرة آلاف نبي ونيف من الفريسيين الحقيقيين، فذهب فريسيان الى الجبال ليقطنا هناك، ولبث احدهما خمس عشرة سنة لا يعرف شيئا عن جاره مع ان أحدهما كان على بعد ساعة واحدة عن الاخر، فانظروا اذا كانا طفيليين، فحدث في هذه الجبال قيظ فشرعا من ثم كلاهما يفتشان على ماء فالتقيا، فقال هناك الاكبر منهما لأنه كان من عادتهم أن يتكلم الاكبر قبل كل أحد غيره واذا تكلم شاب قبل شيخ حسبوا ذلك خطيئة كبرى : (أين تسكن أيه الاخ؟)، فأجاب مشيرا باصبعه الى المسكن: (ههنا اسكن) لأنهما كانا قريبين من مسكن الاصغر، فقال الاكبر: (لعلك أتيت لما قتل أخاب أنبياء الله؟)، أجاب الاصغر: ( انه لكذلك)، قال الاكبر: (اتعلم أيها الاخ من هو الملك على اسرائيل الآن؟)، فأجاب الاصغر: ( ان الله هو ملك اسرائيل لأن عبدة الاصنام ليسوا ملوكا بل مضطهدين لاسرائيل)، قال الاكبر: (ان هذا صحيح ولكن أردت أن أقول من هو الذي يضطهد اسرائيل الآن)، أجاب الاصغر: ( ان خطايا اسرائيل تضطهد اسرائيل لأنهم لو لم يخطئوا لم يسلط(الله) على اسرائيل العظماء عبدة الأصنام، فقال حينئذ الاكبر: ( من هو ذلك العظيم الكافر الذي أرسله الله لتأديب اسرائيل)؟ أجاب الاصغر: (كيف يمكن أن أعرف وأنا لم أر انسانا مدة هذه الخمس عشرة سنة سواك وأجهل القراءة فلا ترسل إلي رسائل؟ )، قال الاكبر: (ما أجد جلود الغنم التي عليك فاذا كنت لم تر انسانا فمن اعطاك اياها ؟ ).
الفصل التاسع والاربعون بعد المئة
أجاب الاصغر: (ان من حفظ ثياب شعب اسرائيل جديدة أربعين سنة في البرية حفظ جلودي كما ترى، حينئذ لاحظ الاكبر ان الاصغر كان أكبر منه لأنه كان أكمل منه لأنه كان كل سنة يختلط بالناس، ولذلك قال لكي يظفر بمحادثته: (أيها الاخ انك لا تعرف القراءة وأنا أعرف القراءة وعندي في بيتي مزامير داود، فتعال اذا لأعطيك كل يوم قراءة وأوضح لك ما يقول داود)، أجاب الاصغر: (لنذهب الآن)، قال الاكبر: ( أيها الاخ انني منذ يومين لم أشرب ماء فلنفتش اذا على قليل من الماء)، قال الاصغر: ( أيها الاخ منذ شهرين لم أشرب ماء فلنذهب اذا ونرى ماذا يقول الله على لسان نبيه داود، ان الله لقادر على أن يعطينا ماء)، فعادوا من ثم الى مسكن الاكبر فوجدوا على بابه ينبوعا من ماء عذب، قال الاكبر: ( انك أيها الاخ قدوس الله لأنه من أجلك قد أعطى هذا الينبوع)، أجاب الاصغر: ( انك أيها الاخ تقول هذا تواضعا، ولكن من المؤكد انه لو فعل الله هذا من أجلي لكان صنع ينبوعا قريبا من مسكني حتى لا أنصرف (للتفتيش عليه)، فاني اعترف لك بأني أخطأت اليك لما قلت انك منذ يومين لم تشرب وكنت تفتش على الماء، أما أنا فاني بقيت شهرين دون شرب ولذلك شعرت باعجاب فيّ كأني أفضل منك)، قال الاكبر: ( أيها الاخ انك قلت الصحيح ولذلك لم تخطئ)، قال الاصغر: (انك قد نسيت أيها الاخ ما قال أبونا ايليا ان من يطلب الله يجب أن يحكم على نفسه فقط، ومن المؤكد أنه قال هذا لا لنعرفه بل لنعمل به)، وبعد ان لاحظ الاكبر سنا صدق وبرارة رفيقه قال: ( إنه لصحيح غفر لك إلهنا)، وبعد إن هذا أخذ المزامير وقرأ ما يقول أبونا داود : ( إني أضع حارسا لفمي حتى لا يميل قلبي إلى كلمات الاثم منتحلا عذرا عن خطاياى)، وهنا القى الشيخ خطابا على اللسان وانصرف الاصغر، فلبثا من ثم خمس عشرة سنة اخرى حتى التقيا لأن الاصغر غيّر مسكنه، لذلك عندما عاد الاكبر فلقيه قال: ( لماذا لم ترجع أيها الاخ الى مسكني؟)، أجاب الاصغر: ( لأني لم أتعلم جيدا حتى الان ما قلته لي)، فقال الاكبر: (كيف يمكن ذلك وقد مرت الآن خمس عشرة سنة)، أجاب الاصغر: (اما الكلمات فقد تعلمتها في ساعة واحدة ولم أنسها قط ولكني حتى الان لم أحفظها، فما الفائدة من أن يتعلم المرء كثيرا جدا ولا يحفظه؟، ان الله لا يطلب أن تكون بصيرتنا جيدة بل قلبنا، وهكذا لا يسألنا في يوم الدينونة عما تعلمنا بل عما عملنا).
الفصل المئة والخمسون
أجاب الاكبر: ( لاتقل هكذا أيها الاخ لأنك إنما تحتقر المعرفة التي يريد الله أن تعتبر ) ، أجاب الاصغر : ( فكيف أتكلم اذا حتى لا أقع في الخطيئة ، لأن كلمتك صادقة وكلمتي أيضا ، أقول اذا ان من يعرف وصايا الله المكتوبة في الشريعة يجب عليه العمل بهذه أولا اذا أحب أن يتعلم بعد ذلك أكثر، وليكن كل ما يتعلمه الانسان للعمل لا(لمجرد) العلم به)، أجاب الاكبر: (قل لي أيها الأخ مع من تكلمت لتعلم انك لم تتعلم كل ما قلته؟)، أجاب الاصغر: (اني أتكلم أيها الاخ مع نفسي، اني أضع كل يوم نفسي أمام دينونة الله لاعطي حسابا عن نفسي، وأشعر على الدوام في داخلي بمن يوبخ ذنوبي)، قال الاكبر: ( ما هي ذنوبك أيها الأخ الذي هو كامل؟)، أجاب الاصغر: (لا تقل هذا لأني واقف بين ذنبين كبيرين، الاول اني لا أعرف نفسي اني أعظم الخطأة، الثاني لا أرغب في مجاهدة النفس لذلك أكثر من الآخرين)، أجاب الاكبر: (كيف تعلم انك أعظم الخطأة اذا كنت أكمل الناس؟) أجاب الاصغر: (ان الكلمة الأولى التي قالها لي معلمي عندما لبست لباس الفريسيين هي أنه يجب علي أن أفكر في خير غيري وفي إثمي فإذا فعلت هذا عرفت أنني أعظم الخطأة ) ، قال الأكبر : ( في خير من وذنب من تفكر وأنت على هذه الجبال فانه لا يوجد بشر هنا؟)، أجاب الاصغر: (يجب على أن أفكر في طاعة الشمس والسيارات، لأنها تعبد خالقها افضل مني، ولكني أحكم عليها اما لأنها لا تعطي نورا كما أرغب أو لأن حرارتها أكثر مما ينبغي أو لأنه يوجد مطر أقل أو أكثر مما تحتاج الارض)، فلما سمع الاكبر هذا قال: ( أيها الاخ أين تعلمت هذا التعليم؟)، فاني أنا الآن ابن تسعين سنة صرفت منها خمسا وسبعين سنة وأنا فريسي؟) أجاب الاصغر: (أيها الاخ انك تقول هذا تواضعا لأنك قدوس الله، ولكن أجيبك بأن الله خالقنا لا ينظر الى الوقت بل ينظر الى القلب، لذلك لما كان داود ابن خمس عشرة سنة وهو أصغر اخوته الستة انتخبه اسرائيل ملكا وصار نبي الله ربنا.
الفصل الحادي والخمسون بعد المئة
وقال يسوع لتلاميذه: لقد كان الرجل فريسيا حقيقيا، وان شاء الله أمكنا أن نأخذه يوم الدين صديقا لنا، ثم دخل يسوع الى سفينة وأسف تلاميذه لأنهم نسوا أن يحضروا خبزا، فانتهرهم يسوع قائلا: احذروا من خمير فريسي يومنا لأن خميرة صغيرة تخمر كيلة من الدقيق، حينئذ قال التلاميذ بعضهم لبعض: أي خمير معنا اذ لم يكن معنا خبز؟، فقال يسوع: يا قليلي الايمان أنسيتم اذا ما فعل الله في نايين حيث لم يكن أدنى دليل على الحنطة؟، وكم عدد الذين أكلوا وشبعوا من خمسة أرغفة وسمكتين؟، ان خمير الفريسي هو عدم الايمان بالله بل قد أفسد اسرائيل، لأن السذج لما كانوا اميين يفعلون ما يرون الفريسيين يفعلونه لأنهم يحسبونهم أطهارا ، أتعلمون ما هو الفريسي الحقيقي؟، هو زيت الطبيعة البشرية، لأن الزيت كما يطفوا فوق كل سائل هكذا تطفوا جودة كل فريسي حقيقي فوق كل صلاح بشرى، هو كتاب حى يمنحه الله للعالم، كل ما يقوله أو يفعله إنما هو بحسب شريعة الله، فمن يفعل كما يفعل فهو يحفظ شريعة الله، إن الفريسي الحقيقي ملح لا يدع الجسد البشري ينتن بالخطيئة، لأن كل من يراه يتوب انه نور ينير طريق السائح لأن كل من يتأمل فقره مع توبته يرى انه لا يجب علينا في هذا العالم أن نغلق قلوبنا، ولكن من يجعل الزيت زنخا ويفسد الكتاب ويجعل الملح منتنا ويطفئ النور فهذا الرجل فريسي كاذب، فاذا كنتم لا تريدون أن تهلكوا فاحذروا أن تفعلوا كما يفعل الفريسيون اليوم.
الفصل الثاني والخمسون بعد المئة
فلما جاء يسوع إلى اورشليم ودخل الهيكل يوم سبت اقترب الجنود ليجربوه ويأخذوه، وقالوا: يا معلم أيجوز اصلاء الحرب؟، أجاب يسوع: ان ديننا يخبرنا ان حياتنا حرب عوان على الارض، قال الجنود: أفتريد اذا أن تحولنا الى دينك أو تريد أن نترك جم الآلهة ( فان لرومية وحدها ثمانية وعشرين ألف إله منظور ) وأن نتبع إلهك الأحد ، ولما كان لا يرى فهو لا يعلم أين مقره، وقد لا يكون سوى باطل، أجاب يسوع: لو كنت خلقتكم كما خلقكم إلهنا لحاولت تغييركم، أجابوا: اذا كان لا يعلم أين إلهك فكيف خلقنا؟، أرنا إلهك نكن يهودا، فقال حينئذ يسوع: لو كان لكم عيون لأريتكم اياه ولكن لما كنتم عميانا فلست بقادر على أن اريكم اياه، أجاب الجنود: حقا لا بد أن يكون الاكرام الذي يقدمه لك الشعب قد سلبك عقلك لأن لكل منا عينين في رأسه وأنت تقول اننا عميان، أجاب يسوع: ان العيون الجسدية لا تبصر إلا الكثيف والخارجي، فلا تقدرون من ثم إلا على رؤية آلهتكم الخشبية والفضية والذهبية التي لا تقدر أن تفعل شيئا، أما نحن أهل يهوذا فلنا عيون روحية هي خوف إلهنا؟ ودينه، ولذلك لا يمكن لنا رؤية إلهنا في كل مكان، أجاب الجنود: احذر كيف تتكلم لأنك اذا صببت احتقارا على آلهتنا سلمناك إلى يد هيرودس الذي ينتقم لآلهتنا القادرة على كل شيء، أجاب يسوع: ان كانت قادرة على كل شيء كما تقولون فعفوا لاني سأعبدها، ففرح الجنود لما سمعوا هذا وأخذوا يمجدون أصنامهم، فقال حينئذ يسوع: لا حاجة بنا هنا الى الكلام بل الى الاعمال، فاطلبوا لذلك من آلهتكم أن تخلق ذبابة واحدة فأعبدها، فراع الجنود سماع هذا ولم يدروا ما يقولون، فقال من ثم يسوع: اذا كانت لا تقدر أن تصنع ذبابة واحدة جديدة فاني لا أترك لأجلها ذلك الإله الذي خلق كل شيء بكلمة واحدة الذي مجرد اسمه يروع جيوشا، أجاب الجنود: لنرى هذا لأننا نريد أن نأخذك وأرادوا أن يمدوا أيديهم الى يسوع، فقال حينئذ يسوع: ((ادوناى صباءوت!))، ففي الحال تدحرجت الجنود من الهيكل كما يدحرج المرء براميل من خشب غسلت لتملأ ثانية خمرا، فكانوا يلتطمون بالأرض تارة برأسهم وطورا بأرجلهم وذلك دون أن يمسهم أحد، فارتاعوا وأسرعوا إلى الهرب ولم يعودوا يروا في اليهودية قط.
الأربعاء سبتمبر 29, 2010 3:20 pm من طرف hamdy222
» حقيبة المسلم
الأحد فبراير 28, 2010 4:08 am من طرف hamdy222
» صلوات على محمد لباسم الكربلائى;
الثلاثاء أكتوبر 14, 2008 2:35 pm من طرف Admin
» أسماء الله الحسنى للنقشبندى
الثلاثاء أكتوبر 14, 2008 1:54 pm من طرف Admin
» بروتوكولات حكماء صهيون
الثلاثاء أكتوبر 14, 2008 12:50 pm من طرف Admin
» ربى قعوار ..لماذا أسلمت..؟ 2
الخميس سبتمبر 11, 2008 11:00 am من طرف زائر
» ربى قعوار ..لماذا أسلمت..؟
الخميس سبتمبر 11, 2008 10:58 am من طرف زائر
» افتتاح موقع جديد عن سيدنا رسول الله
الإثنين سبتمبر 01, 2008 11:32 pm من طرف Admin
» كلام من قلب مؤمن...لماذا أسلمت...
الإثنين سبتمبر 01, 2008 11:10 pm من طرف Admin