الفصل السادس والثلاثون بعد المئة
ففي هذه البقعة الملعونة يقيم الكافرون الى الابد، حتى لو فرض ان العالم ملئ حبوب دخن وكان طير واحد يحمل حبة واحدة منها كل مئة سنة الى انقضاء العالم لسر الكافرون لو كان يتاح لهم بعد انقضائه الذهاب الى الجنة، ولكن ليس لهم هذا الامل اذ ليس لعذابهم من نهاية، لأنهم لم يريدوا أن يضعوا حدا لخطيئتهم حبا في الله، أما المؤمنون فسيكون لهم تعزية لأن لعذابهم نهاية، فذعر التلاميذ لما سمعوا هذا وقالوا: أيذهب اذا المؤمنون الى الجحيم؟، أجاب يسوع: يتحتم على كل أحد أيا كان أن يذهب الى الجحيم، بيد ان ما لا مشاحة فيه ان الاطهار وأنبياء الله إنما يذهبون الى هناك ليشاهدوا لا ليكابدوا عقابا ، أما الأبرار فانهم لا يكابدون الا الخوف ، وماذا أقول ؟ افيدكم أنه حتى رسول الله يذهب إلى هناك ليشاهد عدل الله ، فترتعد ثمة الجحيم لحضوره، وبما انه ذو جسد بشري يرفع العقاب عن كل ذي جسد بشري من المقضي عليهم بالعقاب فيمكث بلا مكابدة عقاب مدة اقامة رسول الله لمشاهدة الجحيم ، ولكنه لا يقيم هناك إلا طرفة عين، وإنما يفعل الله هذا ليعرف كل مخلوق أنه نال نفعا من رسول الله ، ومتى ذهب إلى هناك ولولت الشياطين وحاولت الاختباء تحت الجمر المتقد قائلا بعضهم لبعض : اهربوا اهربوا فان عدونا محمد قد أتى، فمتى سمع الشيطان ذلك يصفع وجهه بكلتا كفيه ويقول صارخا: (( ذلك بالرغم عني لأشرف مني وهذا إنما فعل ظلما))، أما ما يختص بالمؤمنين الذين لهم اثنان وسبعون درجة مع أصحاب الدرجتين الاخيرتين الذين كان لهم ايمان بدون اعمال صالحة اذ كان الفريق الاول حزينا على الاعمال الصالحة والاخر مسرورا بالشر ، فسيمكثون جميعا في الجحيم سبعين ألف سنة، وبعد هذه السنين يجيء الملاك جبريل الى الجحيم ويسمعهم يقولون: يا محمد أين وعدك لنا ان من كان على دينك لا يمكث في الجحيم الى الابد، فيعود حينئذ ملاك الله الى الجنة وبعد أن يقترب من رسول الله باحترام يقص عليه ما سمع، فحينئذ يكلم الرسول الله ويقول: ربي وإلهي اذكر وعدك لي أنا عبدك بأن لا يمكث الذين قبلوا ديني في الجحيم الى الابد، فيجيب الله: اطلب ما تريد يا خليلي لأني أهبك كل ما تطلب.
الفصل السابع والثلاثون بعد المئة
فحينئذ يقول رسول الله: يا رب يوجد من المؤمنين في الجحيم من لبث سبعين ألف سنة، أين رحمتك يا رب؟، اني أضرع اليك يا رب أن تعتقهم من هذه العقوبات المرة، فيأمر الله حينئذ الملائكة الاربعة المقربين لله أن يذهبوا الى الجحيم ويخرجوا كل من على دين رسوله ويقودوه الى الجنة، وهو ما سيفعلونه، ويكون من مبلغ جدوى دين رسول الله ان كل من آمن به يذهب الى الجنة بعد العقوبة التي تكلمت عنها حتى ولو لم يعمل عملا صالحا لأنه مات على دينه.
الفصل الثامن والثلاثون بعد المئة
ولما طلع الصباح جاء باكرا رجال المدينة كلهم مع النساء والاطفال الى البيت الذي كان فيه يسوع وتلاميذه، وتوسلوا اليه قائلين: يا سيد ارحمنا لأن الديدان قد أكلت في هذه السنة الحبوب ولا نحصل في هذه السنة على خبز في أرضنا، أجاب يسوع: ما هذا الخوف الذي أنتم فيه؟، ألا تعلمون ان ايليا خادم الله لم ير خبزا مدة اضطهاد أخاب له ثلاث سنين مغتذيا بالبقول والثمار البرية فقط؟، وعاش داود أبونا نبي الله مدة سنتين على الثمار البرية والبقول اذ اضطهده شاول حتى انه لم يذق الخبز سوى مرتين، أجاب القوم: انهم كانوا أيها السيد أنبياء الله يغتذون بالمسرة الروحية ولذلك احتملوا كل شيء، ولكن ماذا يصيب هؤلاء الصغار؟ ثم أروه جمهور أطفالهم، حينئذ تحنن يسوع على شقائهم وقال: كم بقي للحصاد؟، فأجابوا: عشرون يوما، فقال يسوع: يجب أن ننقطع مدة هذه العشرين يوما للصوم والصلاة لأن الله سيرحمكم، الحق أقول لكم ان الله قد أحدث هذا القحط لأنه ابتدأ هنا جنون الناس وخطيئة اسرائيل اذ قالوا انني انا الله وابن الله، وبعد ان صاموا تسعة عشر يوما شاهدوا في صباح اليوم العشرين الحقول والهضاب مغطاة بالحنطة اليابسة، فأسرعوا الى يسوع وقصوا عليه كل شيء، فلما سمع يسوع ذلك شكر الله وقال: اذهبوا أيها الاخوة واجمعوا الخبز الذي أعطاكم اياه الله، فجمع القوم مقدارا وافرا من الحنطة حتى انهم لم يعرفوا أين يضعوه، وكان ذلك سبب سعة في اسرائيل، فتشاور الاهالي لينصبوا يسوع ملكا عليهم، فلما عرف ذلك هرب منهم، ولذلك اجتهد التلاميذ خمسة عشر يوما ليجدوه.
الفصل التاسع والثلاثون بعد المئة
أما يسوع فوجده الذي يكتب ويعقوب ويوحنا، فقالوا وهم باكون يا معلم لماذا هربت منا؟، فلقد طلبناك ونحن حزانى بل ان التلاميذ كلهم طلبوك باكين، فأجاب يسوع : إنما هربت لأني علمت أن جيشا من الشياطين يهيء لي ما سترونه بعد برهة وجيزة، فسيقوم على رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب وسيطلبون أمرا من الحاكم الروماني بقتلي، لأنهم يخافون أن أغتصب ملك اسرائيل، وعلاوة على هذا فان واحدا من تلاميذي يبيعني ويسلمني كما بيع يوسف الى مصر، ولكن الله العادل سيوثقه كما يقول النبي داود: ( من نصب فخا لأخيه وقع فيه)، ولكن الله سيخلصني من أيديهم وسينقلني من العالم، فخاف التلاميذ الثلاثة، ولكن يسوع عزاهم قائلا: لا تخافوا لأنه لا يسلمني أحد منكم، فكان لهم بهذا شيء من العزاء، وجاء في اليوم التالي ستة وثلاثون تلميذا من تلاميذ يسوع مثنى مثنى، ومكث في دمشق ينتظر الباقين، وحزن كل منهم لأنهم عرفوا أن يسوع سينصرف من العالم، لذلك فتح فاه وقال: ان من يسير دون أن يعلم الى أين يذهب لهو تعيس، وأتعس منه من هو قادر ويعرف كيف يبلغ نزلا حسنا ومع ذلك يريد أن يمكث في الطريق القذرة والمطر وخطر اللصوص، قولوا لي أيها الاخوة هل هذا العالم وطننا؟ لا البتة فان الانسان الاول طرد الى العالم منفيا ، فهو يكابد فيه عقوبة خطأه، أيمكن أن يوجد منفي لا يبالي بالعودة الى وطنه الغني وقد وجد نفسه في الفاقة؟، حقا ان العقل لينكر ذلك ولكن الاختبار يثبته بالبرهان، لأن محبي العالم لا يفكرون في الموت، بل عندما يكلمهم عنه أحد لا يصغون الى كلامه.
الفصل الاربعون بعد المئة
صدقوني أيها القوم اني جئت الى العالم بامتياز لم يعط الى بشر حتى انه لم يعط لرسول الله لأن إلهنا لم يخلق الانسان ليبقيه في العالم بل ليضعه في الجنة، ومن المحقق ان من لا امل له ان ينال شيئا من الرومانيين لأنهم من شريعة غريبة عنه لا يريد ان يترك وطنه وكل ما عنده ويذهب ليتوطن رومية على ان لا يعود، ويكون ميله الى ذلك أقل جدا اذا هو اغاظ قيصر، فالحق أقول لكم انه هكذا يكون وسليمان نبي الله يصرح معي: ( ما أمر ذكراك ايها الموت للذين يتنعمون في ثروتهم)، اني لا أقول هذا لان علي ان اموت الآن، واني عالم باني سأحيا الى نحو منتهى العالم، ولكن أكلمكم بهذا لكي تتعلموا كيف تموتون، لعمر الله اذا اسيء عمل شيء ولو مرة دل على انه لابد من التمرن عليه اذا اريد اتقانه، ارايتم كيف تتمرن الجنود في زمن السلم بعضهم مع بعض كأنهم يتحاربون؟، وكيف يتاح لمن يتعلم كيف يحسن الموت ان يموت ميتة صالحة، قال النبي داود: ( ثمين في نظر الرب موت الطاهرين)، اتدرون لماذا؟، اني افيدكم، انه لما كانت الاشياء النادرة ثمينة وكان موت الذين يحسنون الموت نادرا كان ثمينا في نظر الله خالقنا، فمن المؤكد انه متى شرع المرء في امر لا يريد ان ينجزه فقط ولكنه يكدح حتى يكون لغرضه نتيجة حسنة، يا لك من رجل شقي يفضل سراويلاته على نفسه، لانه عندما يفصل القماش يقيسه جيدا قبل تفصيله ومتى فصله خاطه باعتناء، اما حياته التي ولدت لتموت اذ لا يموت الا من يولد فلماذا لايقيسها الانسان بالموت؟، ارأيتم البنائين كيف لا يضعون حجرا الا والاساس نصب عيونهم فيقيسونه ليروا اذا كان مستقيما لكيلا يسقط الجدار؟، يا له من رجل تعيس لان بنيان حياته سيتهدم شر تهدم لانه لا ينظر الى اساس الموت.
الفصل الحادي والاربعون بعد المئة
قولوا لي كيف يولد الانسان متى ولد؟، حقا انه ولد عريانا، وأي جدوى متى وسِّد ميتا تحت الثرى؟، ليس سوى خرقة يلف بها وهذا هو الجزاء الذي يعطيه اياه العالم، فاذا كان يجب في كل عمل أن تكون الوسيلة على نسبة البداية والنهاية ليمكن ايصال العمل الى نهاية حسنة فما عسى أن تكون نهاية الانسان الذي يشتهي الثروة العالمية؟، انه ليموت كما يقول داود نبي الله: ( ان الخاطئ ليموتن شر ميتة)، اذا حاول خياط أن يدخل جذوعا في سم ابرة بدلا من خيط فما يكون مصير عمله، انه ليحاول عبثا وجيرانه يزدرون به، فالانسان لا يرى انه فاعل هذا على الدوام وهو يجمع الخيرات الارضية، لأن الموت هو الابرة التي لا يمكن ادخال جذوع الخيرات الارضية في سمها، ومع ذلك فهو بجنونه يحاول على الدوام أن يفلح في عمله ولكن عبثا، ومن لا يصدق هذا في كلامي فليتفرس في القبور لأنه هناك يجد الحق، فمتى أراد أن يبرز في الحكمة على من سواه في خوف فليطالع كتاب القبر، لأنه هناك يجد التعليم الحقيقي لخلاصه، فانه متى رأى ان جسد الانسان يحفظ ليكون طعاما للديدان تعلَّم أن يحذر العالم والجسد والحس، قولوا لي اذا كان هناك طريق على حال يكون اذا سار معها المرء في الوسط سارآمنا فاذا سارعلى الجانبين شج رأسه، فماذا تقولون اذا رأيتم الناس يختصمون ويتبارون ليكونوا أقرب الى الجانب ويقتلوا أنفسهم؟، ما أشد ما يكون عجبكم! حقا انكم تقولون: انهم لمعتوهون ومجانين وإنهم إذا لم يكونوا مجانين فإنما هم بائسون، أجاب التلاميذ: إن ذلك لصحيح، حينئذ بكى يسوع وقال: إن عشاق العالم إنما هم لكذلك، لأنهم لو عاشوا بحسب العقل الذي اتخذ موضعا متوسطا في الانسان لاتبعوا شريعة الله وخلصوا من الموت الابدي، ولكنهم جنُّوا وأصبحوا أعداءا عتاة لأنفسهم لأنهم يتبعون الجسد والعالم مجتهدين في أن يعيش كل منهم أشد غطرسة وفجورا من الآخر.
الفصل الثاني والاربعون بعد المئة
لما رأى يهوذا الخائن ان يسوع قد هرب يئس من أن يصير عظيما في العالم، لأنه كان يحمل كيس يسوع حيث كان يحفظ فيه كل ما كان يعطى له حبا في الله، فهو قد رجا أن يصير يسوع ملكا على اسرائيل وانه هو نفسه يصبح رجلا عزيزا، فلما فقد هذا الرجاء قال في نفسه: لو كان هذا الرجل نبيا لعرف اني أختلس نقوده ولكان حنق وطردني من خدمته اذ يعلم اني لا اؤمن به، ولو كان حكيما لما هرب من المجد الذي يريد الله أن يعطيه اياه، فالأجدر بي اذا أن أتفق مع رؤساء الكهنة والكتبة والفريسيين ونرى كيف اسلمه الى أيديهم فبهذا أتمكن من تحصيل شيء من النفع، فبعد ان عقد النية أخبر الكتبة والفريسيين عما حدث في نايين، فتشاوروا مع رئيس الكهنة قائلين: (ماذا نفعل لو صار هذا الرجل ملكا؟، حقا ان ذلك يكون وبالا علينا فإنه يريد أن يصلح عبادة الله على حسب السنة القديمة، لأنه لا يقدر أن يبطل تقاليدنا، فكيف يكون مصيرنا تحت سلطان رجل هكذا؟، حقا اننا نهلك نحن وأولادنا لأننا اذا طردنا من وظيفتنا اضطررنا أن نستعطي خبزنا، أما الآن فالحمد لله لنا ملك ووال اجنبيان عن شريعتنا ولا يباليان بشريعتنا كما لا نبالي نحن بشريعتهم، ولذلك نقدر أن نفعل كل ما نريد، فإن أخطأنا فإن إلهنا رحيم يمكن استرضاؤه بالضحية والصوم، ولكن اذا صار هذا الرجل ملكا فلن يسترضى الا اذا رأى عبادة الله كما كتب موسى، وأنكى من ذلك أنه يقول أن مسيا لا يأتي من نسل داود((كما قال لنا أحد تلاميذه الاخصاء)) بل يقول انه يأتي من نسل اسماعيل، وان الموعد صنع باسماعيل لا باسحاق، فماذا يكون الثمر اذا تركنا هذا الانسان يعيش؟، من المؤكد ان الاسماعليين يصيرون ذوي وجاهة عند الرومانيين فيعطونهم بلادنا ملكا، وهكذا يصير اسرائيل عرضة للعبودية كما كان قديما)، فلما سمع رئيس الكهنة هذا الرأي أجاب انه يجب أن يتفق مع هيرودس والوالي، لأن الشعب كثير الميل اليه حتى انه لا يمكننا اجراء شيء بدون الجند، وان شاء الله نتمكن بواسطة الجند من القيام بهذا العمل، فبعد ان تشاوروا فيما بينهم على امساكه ليلا متى رضي الوالي وهيرودس بذلك.
الفصل الثالث والاربعون بعد المئة
وجاء حينئذ بمشيئة الله كل التلاميذ الى دمشق، وتظاهر في ذلك اليوم يهوذا الخائن أكثر من غيره بمكابدة الحزن على غياب يسوع، لذلك قال يسوع: ليحذر كل أحد من يحاول بدون سبب أن يقيم لك دلائل الحب، وأخذ الله بصيرتنا حتى لا نعلم لأي غرض قال هذا، وبعد مجيء كل التلاميذ قال يسوع: لنرجع الى الجليل لأن ملاك الله ((قال؟)) لي انه يجب علي أن أذهب الى هناك، وعليه جاء يسوع الى الناصرة في صباح يوم سبت، فلما تبين الاهالي انه يسوع أحب كل أحد أن يراه، حتى ان عشارا اسمه زكا كان قصير القامة بحيث لا يقدر أن يرى يسوع مع كثرة الجمع فتسلق جميزة حتى رأسها، وتربص هناك حتى يمر يسوع في ذلك المكان وهو ذاهب الى المجمع، فلما بلغ يسوع ذلك الموضع رفع عينيه وقال: انزل يا زكا لأني سأقيم في بيتك، فنزل الرجل وقبَّله بفرح وصنع وليمة عظيمة، فتذمر الفريسيون قائلين لتلاميذ يسوع: لماذا ذهب معلمكم ليأكل مع عشارين وخطاة؟، أجاب يسوع: لأي سبب يذهب الطبيب الى بيت المريض؟، قولوا لي أقل لكم لماذا ذهبت الى هناك، أجابوا: ليشفي المرض، أجاب يسوع: فقد قلتم الحق فانه لا حاجة بالاصحاء الى طبيب بل المرضى فقط.
ال
ففي هذه البقعة الملعونة يقيم الكافرون الى الابد، حتى لو فرض ان العالم ملئ حبوب دخن وكان طير واحد يحمل حبة واحدة منها كل مئة سنة الى انقضاء العالم لسر الكافرون لو كان يتاح لهم بعد انقضائه الذهاب الى الجنة، ولكن ليس لهم هذا الامل اذ ليس لعذابهم من نهاية، لأنهم لم يريدوا أن يضعوا حدا لخطيئتهم حبا في الله، أما المؤمنون فسيكون لهم تعزية لأن لعذابهم نهاية، فذعر التلاميذ لما سمعوا هذا وقالوا: أيذهب اذا المؤمنون الى الجحيم؟، أجاب يسوع: يتحتم على كل أحد أيا كان أن يذهب الى الجحيم، بيد ان ما لا مشاحة فيه ان الاطهار وأنبياء الله إنما يذهبون الى هناك ليشاهدوا لا ليكابدوا عقابا ، أما الأبرار فانهم لا يكابدون الا الخوف ، وماذا أقول ؟ افيدكم أنه حتى رسول الله يذهب إلى هناك ليشاهد عدل الله ، فترتعد ثمة الجحيم لحضوره، وبما انه ذو جسد بشري يرفع العقاب عن كل ذي جسد بشري من المقضي عليهم بالعقاب فيمكث بلا مكابدة عقاب مدة اقامة رسول الله لمشاهدة الجحيم ، ولكنه لا يقيم هناك إلا طرفة عين، وإنما يفعل الله هذا ليعرف كل مخلوق أنه نال نفعا من رسول الله ، ومتى ذهب إلى هناك ولولت الشياطين وحاولت الاختباء تحت الجمر المتقد قائلا بعضهم لبعض : اهربوا اهربوا فان عدونا محمد قد أتى، فمتى سمع الشيطان ذلك يصفع وجهه بكلتا كفيه ويقول صارخا: (( ذلك بالرغم عني لأشرف مني وهذا إنما فعل ظلما))، أما ما يختص بالمؤمنين الذين لهم اثنان وسبعون درجة مع أصحاب الدرجتين الاخيرتين الذين كان لهم ايمان بدون اعمال صالحة اذ كان الفريق الاول حزينا على الاعمال الصالحة والاخر مسرورا بالشر ، فسيمكثون جميعا في الجحيم سبعين ألف سنة، وبعد هذه السنين يجيء الملاك جبريل الى الجحيم ويسمعهم يقولون: يا محمد أين وعدك لنا ان من كان على دينك لا يمكث في الجحيم الى الابد، فيعود حينئذ ملاك الله الى الجنة وبعد أن يقترب من رسول الله باحترام يقص عليه ما سمع، فحينئذ يكلم الرسول الله ويقول: ربي وإلهي اذكر وعدك لي أنا عبدك بأن لا يمكث الذين قبلوا ديني في الجحيم الى الابد، فيجيب الله: اطلب ما تريد يا خليلي لأني أهبك كل ما تطلب.
الفصل السابع والثلاثون بعد المئة
فحينئذ يقول رسول الله: يا رب يوجد من المؤمنين في الجحيم من لبث سبعين ألف سنة، أين رحمتك يا رب؟، اني أضرع اليك يا رب أن تعتقهم من هذه العقوبات المرة، فيأمر الله حينئذ الملائكة الاربعة المقربين لله أن يذهبوا الى الجحيم ويخرجوا كل من على دين رسوله ويقودوه الى الجنة، وهو ما سيفعلونه، ويكون من مبلغ جدوى دين رسول الله ان كل من آمن به يذهب الى الجنة بعد العقوبة التي تكلمت عنها حتى ولو لم يعمل عملا صالحا لأنه مات على دينه.
الفصل الثامن والثلاثون بعد المئة
ولما طلع الصباح جاء باكرا رجال المدينة كلهم مع النساء والاطفال الى البيت الذي كان فيه يسوع وتلاميذه، وتوسلوا اليه قائلين: يا سيد ارحمنا لأن الديدان قد أكلت في هذه السنة الحبوب ولا نحصل في هذه السنة على خبز في أرضنا، أجاب يسوع: ما هذا الخوف الذي أنتم فيه؟، ألا تعلمون ان ايليا خادم الله لم ير خبزا مدة اضطهاد أخاب له ثلاث سنين مغتذيا بالبقول والثمار البرية فقط؟، وعاش داود أبونا نبي الله مدة سنتين على الثمار البرية والبقول اذ اضطهده شاول حتى انه لم يذق الخبز سوى مرتين، أجاب القوم: انهم كانوا أيها السيد أنبياء الله يغتذون بالمسرة الروحية ولذلك احتملوا كل شيء، ولكن ماذا يصيب هؤلاء الصغار؟ ثم أروه جمهور أطفالهم، حينئذ تحنن يسوع على شقائهم وقال: كم بقي للحصاد؟، فأجابوا: عشرون يوما، فقال يسوع: يجب أن ننقطع مدة هذه العشرين يوما للصوم والصلاة لأن الله سيرحمكم، الحق أقول لكم ان الله قد أحدث هذا القحط لأنه ابتدأ هنا جنون الناس وخطيئة اسرائيل اذ قالوا انني انا الله وابن الله، وبعد ان صاموا تسعة عشر يوما شاهدوا في صباح اليوم العشرين الحقول والهضاب مغطاة بالحنطة اليابسة، فأسرعوا الى يسوع وقصوا عليه كل شيء، فلما سمع يسوع ذلك شكر الله وقال: اذهبوا أيها الاخوة واجمعوا الخبز الذي أعطاكم اياه الله، فجمع القوم مقدارا وافرا من الحنطة حتى انهم لم يعرفوا أين يضعوه، وكان ذلك سبب سعة في اسرائيل، فتشاور الاهالي لينصبوا يسوع ملكا عليهم، فلما عرف ذلك هرب منهم، ولذلك اجتهد التلاميذ خمسة عشر يوما ليجدوه.
الفصل التاسع والثلاثون بعد المئة
أما يسوع فوجده الذي يكتب ويعقوب ويوحنا، فقالوا وهم باكون يا معلم لماذا هربت منا؟، فلقد طلبناك ونحن حزانى بل ان التلاميذ كلهم طلبوك باكين، فأجاب يسوع : إنما هربت لأني علمت أن جيشا من الشياطين يهيء لي ما سترونه بعد برهة وجيزة، فسيقوم على رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب وسيطلبون أمرا من الحاكم الروماني بقتلي، لأنهم يخافون أن أغتصب ملك اسرائيل، وعلاوة على هذا فان واحدا من تلاميذي يبيعني ويسلمني كما بيع يوسف الى مصر، ولكن الله العادل سيوثقه كما يقول النبي داود: ( من نصب فخا لأخيه وقع فيه)، ولكن الله سيخلصني من أيديهم وسينقلني من العالم، فخاف التلاميذ الثلاثة، ولكن يسوع عزاهم قائلا: لا تخافوا لأنه لا يسلمني أحد منكم، فكان لهم بهذا شيء من العزاء، وجاء في اليوم التالي ستة وثلاثون تلميذا من تلاميذ يسوع مثنى مثنى، ومكث في دمشق ينتظر الباقين، وحزن كل منهم لأنهم عرفوا أن يسوع سينصرف من العالم، لذلك فتح فاه وقال: ان من يسير دون أن يعلم الى أين يذهب لهو تعيس، وأتعس منه من هو قادر ويعرف كيف يبلغ نزلا حسنا ومع ذلك يريد أن يمكث في الطريق القذرة والمطر وخطر اللصوص، قولوا لي أيها الاخوة هل هذا العالم وطننا؟ لا البتة فان الانسان الاول طرد الى العالم منفيا ، فهو يكابد فيه عقوبة خطأه، أيمكن أن يوجد منفي لا يبالي بالعودة الى وطنه الغني وقد وجد نفسه في الفاقة؟، حقا ان العقل لينكر ذلك ولكن الاختبار يثبته بالبرهان، لأن محبي العالم لا يفكرون في الموت، بل عندما يكلمهم عنه أحد لا يصغون الى كلامه.
الفصل الاربعون بعد المئة
صدقوني أيها القوم اني جئت الى العالم بامتياز لم يعط الى بشر حتى انه لم يعط لرسول الله لأن إلهنا لم يخلق الانسان ليبقيه في العالم بل ليضعه في الجنة، ومن المحقق ان من لا امل له ان ينال شيئا من الرومانيين لأنهم من شريعة غريبة عنه لا يريد ان يترك وطنه وكل ما عنده ويذهب ليتوطن رومية على ان لا يعود، ويكون ميله الى ذلك أقل جدا اذا هو اغاظ قيصر، فالحق أقول لكم انه هكذا يكون وسليمان نبي الله يصرح معي: ( ما أمر ذكراك ايها الموت للذين يتنعمون في ثروتهم)، اني لا أقول هذا لان علي ان اموت الآن، واني عالم باني سأحيا الى نحو منتهى العالم، ولكن أكلمكم بهذا لكي تتعلموا كيف تموتون، لعمر الله اذا اسيء عمل شيء ولو مرة دل على انه لابد من التمرن عليه اذا اريد اتقانه، ارايتم كيف تتمرن الجنود في زمن السلم بعضهم مع بعض كأنهم يتحاربون؟، وكيف يتاح لمن يتعلم كيف يحسن الموت ان يموت ميتة صالحة، قال النبي داود: ( ثمين في نظر الرب موت الطاهرين)، اتدرون لماذا؟، اني افيدكم، انه لما كانت الاشياء النادرة ثمينة وكان موت الذين يحسنون الموت نادرا كان ثمينا في نظر الله خالقنا، فمن المؤكد انه متى شرع المرء في امر لا يريد ان ينجزه فقط ولكنه يكدح حتى يكون لغرضه نتيجة حسنة، يا لك من رجل شقي يفضل سراويلاته على نفسه، لانه عندما يفصل القماش يقيسه جيدا قبل تفصيله ومتى فصله خاطه باعتناء، اما حياته التي ولدت لتموت اذ لا يموت الا من يولد فلماذا لايقيسها الانسان بالموت؟، ارأيتم البنائين كيف لا يضعون حجرا الا والاساس نصب عيونهم فيقيسونه ليروا اذا كان مستقيما لكيلا يسقط الجدار؟، يا له من رجل تعيس لان بنيان حياته سيتهدم شر تهدم لانه لا ينظر الى اساس الموت.
الفصل الحادي والاربعون بعد المئة
قولوا لي كيف يولد الانسان متى ولد؟، حقا انه ولد عريانا، وأي جدوى متى وسِّد ميتا تحت الثرى؟، ليس سوى خرقة يلف بها وهذا هو الجزاء الذي يعطيه اياه العالم، فاذا كان يجب في كل عمل أن تكون الوسيلة على نسبة البداية والنهاية ليمكن ايصال العمل الى نهاية حسنة فما عسى أن تكون نهاية الانسان الذي يشتهي الثروة العالمية؟، انه ليموت كما يقول داود نبي الله: ( ان الخاطئ ليموتن شر ميتة)، اذا حاول خياط أن يدخل جذوعا في سم ابرة بدلا من خيط فما يكون مصير عمله، انه ليحاول عبثا وجيرانه يزدرون به، فالانسان لا يرى انه فاعل هذا على الدوام وهو يجمع الخيرات الارضية، لأن الموت هو الابرة التي لا يمكن ادخال جذوع الخيرات الارضية في سمها، ومع ذلك فهو بجنونه يحاول على الدوام أن يفلح في عمله ولكن عبثا، ومن لا يصدق هذا في كلامي فليتفرس في القبور لأنه هناك يجد الحق، فمتى أراد أن يبرز في الحكمة على من سواه في خوف فليطالع كتاب القبر، لأنه هناك يجد التعليم الحقيقي لخلاصه، فانه متى رأى ان جسد الانسان يحفظ ليكون طعاما للديدان تعلَّم أن يحذر العالم والجسد والحس، قولوا لي اذا كان هناك طريق على حال يكون اذا سار معها المرء في الوسط سارآمنا فاذا سارعلى الجانبين شج رأسه، فماذا تقولون اذا رأيتم الناس يختصمون ويتبارون ليكونوا أقرب الى الجانب ويقتلوا أنفسهم؟، ما أشد ما يكون عجبكم! حقا انكم تقولون: انهم لمعتوهون ومجانين وإنهم إذا لم يكونوا مجانين فإنما هم بائسون، أجاب التلاميذ: إن ذلك لصحيح، حينئذ بكى يسوع وقال: إن عشاق العالم إنما هم لكذلك، لأنهم لو عاشوا بحسب العقل الذي اتخذ موضعا متوسطا في الانسان لاتبعوا شريعة الله وخلصوا من الموت الابدي، ولكنهم جنُّوا وأصبحوا أعداءا عتاة لأنفسهم لأنهم يتبعون الجسد والعالم مجتهدين في أن يعيش كل منهم أشد غطرسة وفجورا من الآخر.
الفصل الثاني والاربعون بعد المئة
لما رأى يهوذا الخائن ان يسوع قد هرب يئس من أن يصير عظيما في العالم، لأنه كان يحمل كيس يسوع حيث كان يحفظ فيه كل ما كان يعطى له حبا في الله، فهو قد رجا أن يصير يسوع ملكا على اسرائيل وانه هو نفسه يصبح رجلا عزيزا، فلما فقد هذا الرجاء قال في نفسه: لو كان هذا الرجل نبيا لعرف اني أختلس نقوده ولكان حنق وطردني من خدمته اذ يعلم اني لا اؤمن به، ولو كان حكيما لما هرب من المجد الذي يريد الله أن يعطيه اياه، فالأجدر بي اذا أن أتفق مع رؤساء الكهنة والكتبة والفريسيين ونرى كيف اسلمه الى أيديهم فبهذا أتمكن من تحصيل شيء من النفع، فبعد ان عقد النية أخبر الكتبة والفريسيين عما حدث في نايين، فتشاوروا مع رئيس الكهنة قائلين: (ماذا نفعل لو صار هذا الرجل ملكا؟، حقا ان ذلك يكون وبالا علينا فإنه يريد أن يصلح عبادة الله على حسب السنة القديمة، لأنه لا يقدر أن يبطل تقاليدنا، فكيف يكون مصيرنا تحت سلطان رجل هكذا؟، حقا اننا نهلك نحن وأولادنا لأننا اذا طردنا من وظيفتنا اضطررنا أن نستعطي خبزنا، أما الآن فالحمد لله لنا ملك ووال اجنبيان عن شريعتنا ولا يباليان بشريعتنا كما لا نبالي نحن بشريعتهم، ولذلك نقدر أن نفعل كل ما نريد، فإن أخطأنا فإن إلهنا رحيم يمكن استرضاؤه بالضحية والصوم، ولكن اذا صار هذا الرجل ملكا فلن يسترضى الا اذا رأى عبادة الله كما كتب موسى، وأنكى من ذلك أنه يقول أن مسيا لا يأتي من نسل داود((كما قال لنا أحد تلاميذه الاخصاء)) بل يقول انه يأتي من نسل اسماعيل، وان الموعد صنع باسماعيل لا باسحاق، فماذا يكون الثمر اذا تركنا هذا الانسان يعيش؟، من المؤكد ان الاسماعليين يصيرون ذوي وجاهة عند الرومانيين فيعطونهم بلادنا ملكا، وهكذا يصير اسرائيل عرضة للعبودية كما كان قديما)، فلما سمع رئيس الكهنة هذا الرأي أجاب انه يجب أن يتفق مع هيرودس والوالي، لأن الشعب كثير الميل اليه حتى انه لا يمكننا اجراء شيء بدون الجند، وان شاء الله نتمكن بواسطة الجند من القيام بهذا العمل، فبعد ان تشاوروا فيما بينهم على امساكه ليلا متى رضي الوالي وهيرودس بذلك.
الفصل الثالث والاربعون بعد المئة
وجاء حينئذ بمشيئة الله كل التلاميذ الى دمشق، وتظاهر في ذلك اليوم يهوذا الخائن أكثر من غيره بمكابدة الحزن على غياب يسوع، لذلك قال يسوع: ليحذر كل أحد من يحاول بدون سبب أن يقيم لك دلائل الحب، وأخذ الله بصيرتنا حتى لا نعلم لأي غرض قال هذا، وبعد مجيء كل التلاميذ قال يسوع: لنرجع الى الجليل لأن ملاك الله ((قال؟)) لي انه يجب علي أن أذهب الى هناك، وعليه جاء يسوع الى الناصرة في صباح يوم سبت، فلما تبين الاهالي انه يسوع أحب كل أحد أن يراه، حتى ان عشارا اسمه زكا كان قصير القامة بحيث لا يقدر أن يرى يسوع مع كثرة الجمع فتسلق جميزة حتى رأسها، وتربص هناك حتى يمر يسوع في ذلك المكان وهو ذاهب الى المجمع، فلما بلغ يسوع ذلك الموضع رفع عينيه وقال: انزل يا زكا لأني سأقيم في بيتك، فنزل الرجل وقبَّله بفرح وصنع وليمة عظيمة، فتذمر الفريسيون قائلين لتلاميذ يسوع: لماذا ذهب معلمكم ليأكل مع عشارين وخطاة؟، أجاب يسوع: لأي سبب يذهب الطبيب الى بيت المريض؟، قولوا لي أقل لكم لماذا ذهبت الى هناك، أجابوا: ليشفي المرض، أجاب يسوع: فقد قلتم الحق فانه لا حاجة بالاصحاء الى طبيب بل المرضى فقط.
ال
الأربعاء سبتمبر 29, 2010 3:20 pm من طرف hamdy222
» حقيبة المسلم
الأحد فبراير 28, 2010 4:08 am من طرف hamdy222
» صلوات على محمد لباسم الكربلائى;
الثلاثاء أكتوبر 14, 2008 2:35 pm من طرف Admin
» أسماء الله الحسنى للنقشبندى
الثلاثاء أكتوبر 14, 2008 1:54 pm من طرف Admin
» بروتوكولات حكماء صهيون
الثلاثاء أكتوبر 14, 2008 12:50 pm من طرف Admin
» ربى قعوار ..لماذا أسلمت..؟ 2
الخميس سبتمبر 11, 2008 11:00 am من طرف زائر
» ربى قعوار ..لماذا أسلمت..؟
الخميس سبتمبر 11, 2008 10:58 am من طرف زائر
» افتتاح موقع جديد عن سيدنا رسول الله
الإثنين سبتمبر 01, 2008 11:32 pm من طرف Admin
» كلام من قلب مؤمن...لماذا أسلمت...
الإثنين سبتمبر 01, 2008 11:10 pm من طرف Admin