الفصل السادس والعشرون
(( كيف يجب على الإنسان أن يحب الله ، ويتضمن هذا الفصل النزاع العجيب بين إبراهيم وأبيه ))
ثم قال يسوع : كان رجل على سفر وبينما كان سائرا وجد كنزا في حقل معروض للمبيع بخمس قطع من النقود هم ، فلما علم الرجل ذلك ذهب توا وباع رداءه ليشتري ذلك الحقل فهل يصدق ذلك ؟ فأجاب التلاميذ : أن من لا يصدق هذا فهو مجنون ، فقال عندئذ يسوع : أنكم تكونون مجانين إذا كنتم لا تعطون حواسكم لله لتشتروا نفسكم حيث يستقر كنز المحبة ، لأن المحبة كنز لا نظير له ، لأن من يحب الله كان الله له ، ومن كان الله له كان له كل شيء ، أجاب بطرس : قل لنا يا معلم كيف يجب على الإنسان أن يحب الله محبة خالصة ،فأجاب يسوع : الحق أقول لكم أن من لا يبغض أباه وأمه وحياته وأولاده وامرأته لاجل محبة الله فمثل هذا ليس أهلا أن يحبه الله ، أجاب بطرس : يا معلم لقد كتب في ناموس الله في كتاب موسى ( اكرم اباك لتعيش طويلا على الأرض ) ، ثم يقول أيضا ( ليكن ملعونا الابن الذي لا يطيع أباه و امه ) ، ولذلك أمر الله بأن يرجم مثل هذا الابن العقوق أمام باب المدينة وجوبا بغضب الشعب ، فكيف تأمرنا أن نبغض أبانا وامنا؟ ، أجاب يسوع : كل كلمة من كلماتي صادقة ، لأنها ليست مني بل من الله الذي أرسلني الى بيت إسرائيل ، لذلك أقول لكم ان كل ما عندكم قد أنعم الله به عليكم ، فأي الامرين أعظم قيمة ؟ العطية أم المعطي؟، فمتى كان أبوك أو أمك أو غيرهما عثرة لك في خدمة الله فانبذهم كأنهم أعداء ، ألم يقل الله لإبراهيم : ( اخرج من بيت أبيك وأهلك وتعال اسكن في الأرض التي اعطيها لك ولنسلك ، ولماذا قال الله ذلك ؟ ، أليس لأن أبا إبراهيم كان صانع تماثيل يصنع ويعبد آلهة كاذبة ؟ لذلك بلغ العداء بينهما حداً أراد معه الأب أن يحرق ابنه ، أجاب بطرس : ان كلماتك صادقة ، واني أضرع اليك أن تقص علينا كيف سخر إبراهيم من أبيه ؟ ، أجاب يسوع : كان إبراهيم ابن سبع سنين لما ابتدأ أن يطلب الله ، فقال يوما لأبيه : (يا أبتاه من صنع الإنسان ؟ أجاب الوالد الغبي : ( الإنسان، لاني أنا صنعتك وأبي صنعني) ، فأجاب إبراهيم : ( يا أبي ليس الامر كذلك ، لأني سمعت شيخا ينتحب ويقول : (( يا إلهي لماذا لم تعطني أولادا )) . أجاب أبوه : ( حقا يابني الله يساعد الإنسان ليصنع إنسانا ولكنه لا يضع يده فيه ، فلا يلزم الإنسان الا أن يتقدم ويضرع إلى إلهه ويقدم له حملانا وغنما يساعده إلهه ، أجاب إبراهيم : ( كم إلها هنالك يا أبي ؟ ) ، أجاب الشيخ : ( لا عدد لهم يابني ) ، فحينئذ أجاب إبراهيم : ( ماذا أفعل يا أبي إذا خدمت إلها وأراد بي الاخر شرا لأني لا أخدمه ؟ ، ومهما يكن من الامر فانه يحصل بينهما شقاق ويقع الخصام بين الآلهة ولكن إذا قتل الإله الذي يريد بي شر إلهي فماذا افعل ؟ ، من المؤكد انه يقتلني أنا أيضا ؟ ) ، فأجاب الشيخ ضاحكا : ( لا تخف يابني لأنه لا يخاصم إله إلها ، كلا فإن في الهيكل الكبير الوفا من الآلهة مع الإله الكبير بعل ، وقد بلغت الآن سبعين سنة من العمر ومع ذلك فاني لم أر قط إلها ضرب إلها آخر ومن المؤكد إن الناس كلهم لا يعبدون إلها واحدا ، بل يعبد واحد إلها وآخر آخر ) ، أجاب إبراهيم : ( فإذا يوجد وفاق بينهم ؟ ) ، أجاب أبوه : ( نعم يوجد ) ، فقال حينئذ إبراهيم : ( يا أبي أي شيء تشبه الآلهة ؟ ) و أجاب الشيخ : ( يا غبي إني كل يوم اصنع إلها ابيعه لآخرين لأشتري خبزا وأنت لاتعلم كيف تكون الآلهة ! ) ، وكان في تلك الدقيقة يصنع تمثالا ، فقال ( هذا من اخشب النخل وذاك من الزيتون وذلك التمثال الصغير من العاج ، انظر ما أجمله ألا يظهر كأنه حي ، حقا لا يعوزه الا النفس ) ، أجاب إبراهيم : ( إذا يا أبي ليس للآلهة نفس فكيف يهبون الأنفاس ؟ ، ولما لم تكن لهم حياة فكيف يعطون إذا الحياة ، فمن المؤكد يا أبي أن هؤلاء ليسوا هم الله ؟ ) ، فحنق الشيخ لهذا الكلام قائلا : ( لو كنت بالغا من العمر ما تتمكن معه من الإدراك لشججت رأسك بهذه الفأس ، ولكن اصمت إذ ليس لك إدراك ) ، أجاب إبراهيم : ( يا أبي إن كانت الآلهة تساعد على صنع الإنسان فكيف يتأتى للإنسان أن يصنع آلهة ؟ ، وإذا كانت الآلهة مصنوعة من خشب فان احراق الخشب خطيئة كبرى ، ولكن قل لي يا أبت كيف وأنت قد صنعت آلهة هذا عديدها لم تساعدك الالهة لتصنع أولادا كثيرين فتصير أقوى رجل في العالم ؟ ) ، فحنق الأب لما سمع ابنه يتكلم هكذا ، فأكمل الابن قائلا : ( يا أبت هل وجد العالم حينا من الدهر بدون بشر ؟ ) أجاب الشيخ : ( نعم ولماذا ؟ ) ، قال إبراهيم : ( لأني أحب أن أعرف من صنع الإله الأول ) فقال الشيخ : انصرف الآن من بيتي ودعني أصنع هذه الإله سريعا ولا تكلمني كلاما ، فمتى كنت جائعا فانك تشتهي خبزا لا كلاما ) ، فقال إبراهيم : ( إنه لإله عظيم فإنك تقطعه كما تريد وهو لا يدافع عن نفسه ) فغضب الشيخ وقال : ( إن العالم بأسره يقول انه إله وأنت أيها الغلام الغبي تقول كلا ؟ فو آلهتي لو كنت رجلا لقتلتك ، ولما قال هذا ضرب إبراهيم ورفسه وطرده من البيت .
الفصل السابع والعشرون
(( يوضح هذا الفصل عدم لياقة الضحك بالناس ، وفطنة إبراهيم ))
فضحك التلاميذ من حمق الشيخ ووقفوا منذهلين من فطنة إبراهيم ، ولكن يسوع وبخهم قائلا : لقد نسيتم كلام النبي القائل : ( الضحك العاجل نذير البكاء الآجل ) ، وأيضا ( لا تذهب إلى حيث الضحك بل اجلس حيث ينوحون، لأن هذه الحياة تنقضي في الشقاء ) ، ثم قال يسوع : ألا تعلمون أن الله في زمن موسى مسخ ناسا كثيرين في مصر حيوانات مخوفة ، لأنهم ضحكوا واستهزؤا بالآخرين ، احذروا من أن تضحكوا من أحد ما لأنكم بكاءا تبكون بسببه ، فأجاب التلاميذ : أننا ضحكنا من حماقة الشيخ ، فأجاب حينئذ يسوع : الحق أقول لكم كل نظير يحب نظيره فيجد في ذلك مسرة ، ولذلك لو لم تكونوا أغبياء لما ضحكتم من الغباوة ، أجابوا : ليرحمنا الله ، قال يسوع ليكن كذلك ، حينئذ قال فيلبس : يا معلم كيف حدث أن أبا إبراهيم أحب أن يحرق ابنه ؟ ، أجاب يسوع : لما بلغ إبراهيم اثنتي عشرة سنة من العمر قال أبوه يوما ما ( غدا عيد كل الآلهة ، فلذلك سنذهب إلى الهيكل الكبير ونحمل هدية لإلهي بعل العظيم ، وأنت تنتخب لنفسك إلها ، لأنك بلغت سنا يحق لك معه اتخاذ إله ) ، فأجاب إبراهيم بمكر ( سمعا وطاعة يا أبي ) ، فبكر في الصباح إلى الهيكل قبل كل أحد ، ولكن إبراهيم كان يحمل تحت صدرته فأسا مستورة ، فلما دخلا الهيكل وازداد الجمع خبأ إبراهيم نفسه وراء صنم في ناحية مظلمة في الهيكل ، فلما انصرف أبوه ظن أن إبراهيم سبقه إلى البيت ولذلك لم يمكث ليفتش عليه .
الفصل الثامن والعشرون
ولما انصرف كل أحد من الهيكل اقفل الكهنة الهيكل وانصرفوا ، فأخذ
إبراهيم إذ ذاك الفأس وقطع قوائم جميع الأصنام إلا الإله الكبير بعلا ، فوضع الفأس عند قوائمه بين جذاذ التماثيل التي تساقطت قطعا لأنها كانت قديمة العهد ومؤلفة من أجزاء ، ولما كان إبراهيم خارجا من الهيكل رآه جماعة من الناس فظنوا انه دخل ليسرق شيئا من الهيكل فأمسكوه ، ولما بلغوا به الهيكل ورأوا آلهتهم محطمة قطعا صرخوا منتخبين: ( اسرعوا يا قوم ولنقتل الذي قتل آلهتنا ) ، فهرع إلى هناك نحو عشرة آلاف رجل مع الكهنة وسألوا إبراهيم عن السبب الذي لأجله حطم آلهتهم ، أجاب إبراهيم : ( إنكم لأغبياء ، أيقتل الإنسان الله ، إن الذي قتلها إنما هو الإله الكبير ، ألا ترون الفأس التي له عند قدميه ، إنه لا يبتغي له اندادا ) فوصل حينئذ أبو إبراهيم الذي ذكر أحاديث إبراهيم في آلهتهم ، وعرف الفأس التي حطم بها إبراهيم الأصنام ، فصرخ : إنما قتل آلهتنا ابني الخائن هذا لأن هذه الفأس فأسي ، وقص عليهم كل ما جرى بينه وبين ابنه ، فجمع القوم مقدارا كبيرا من الحطب ، وربطوا يدي إبراهيم ورجليه ،ووضعوه على الحطب ووضعوا نارا تحته ، فإذا الله قد أمر النار بواسطة ملاكه جبريل الا تحرق عبده إبراهيم ، فاضطرمت النار باحتدام وحرقت نحو ألفي رجل من الذين حكموا على إبراهيم بالموت ، أما إبراهيم فقد وجد نفسه مطلق السراح إذ حمله ملاك الله إلى مقربة من بيت أبيه دون أن يرى من حمله ، وهكذا نجا إبراهيم من الموت .
الفصل التاسع والعشرون
حينئذ قال فيلبس : ما أعظم هي رحمة الله للذين يحبونه ، قل لنا يا معلم كيف وصل إلى معرفة الله ، أجاب يسوع : لما بلغ إبراهيم جوار بيت أبيه خاف أن يدخل البيت ، فانتقل إلى بعد البيت وجلس تحت شجرة نخل حيث لبث منفردا ، وقال : ( لا بد من وجود إله ذي حياة وقوة أكثر من الإنسان لأنه يصنع الإنسان ، والإنسان بدون الله لا يقدر أن يصنع الإنسان ) ، حينئذ التفت حوله وأجال نظره في النجوم والقمر والشمس فظن أنها هي الله ، ولكن بعد التبصر في تغيراتها وحركاتها قال: ( يجب الا تطرأ على الله الحركة ولا تحجبه الغيوم والا فني الناس ) ، وبينما هو متحير سمع اسمه ينادي : ( يا إبراهيم ) ، فلما التفت ولم ير أحد في جهة قال : ( اني قد سمعت يا إبراهيم ) ، ثم سمع كذلك اسمه ينادى مرتين اخريين ( يا إبراهيم)، فأجاب : ( من يناديني ؟ ) ، حينئذ سمع قائلا يقول : ( انه أنا ملاك الله جبريل ) ، فارتاع إبراهيم ، ولكن الملاك سكن روعه قائلا : ( لا تخف يا إبراهيم لأنك خليل الله ، فانك لما حطمت آلهة الناس تحطيما اصطفاك إله الملائكة والأنبياء حتى إنك كتبت في سفر الحياة ) ، حينئذ قال إبراهيم ( ماذا يجب علي أن أفعل لأعبد إله الملائكة والأنبياء الاطهار ؟ ) ، فأجاب الملاك : ( اذهب إلى ذلك الينبوع واغتسل ، لأن الله يريد أن يكلمك)، أجاب إبراهيم : ( كيف ينبغي أن اغتسل ؟ ) ، فتبدى له حينئذ الملاك يافعا جميلا واغتسل من الينبوع قائلا :افعل كذلك بنفسك يا إبراهيم ) ، فلما اغتسل إبراهيم قال الملاك ( ارتق ذلك الجبل لأن الله يريد أن يكلمك هناك ) ، فارتقى إبراهيم الجبل كما قال له الملاك ، ولما جثا على ركبتيه قال لنفسه ( متى يا ترى يكلمني إله الملائكة ؟ ) ، فسمع صوتا لطيفا يناديه ( يا إبراهيم ) ،فأجابه إبراهيم : ( من يناديني ؟ ) ، فأجاب الصوت : ( أنا إلهك يا إبراهيم ) ، أما إبراهيم فارتاع وعفر بوجهه الأرض قائلا : ( كيف يصغي عبدك اليك وهو تراب ورماد ؟ ) ، حينئذ قال الله ( لا تخف بل انهض لاني قد اصطفيتك عبدا لي واني أريد أن أباركك وأجعلك شعبا عظيما ، فاخرج إذا من بيت أبيك وأهلك وتعالى اسكن في الأرض التي اعطيكها أنت ونسلك ، فأجاب إبراهيم : ( إني لفاعل كل ذلك يا رب ولكن احرسني لكي لا يضرني إله آخر ) ، فتكلم الله قائلا : ( أنا الله أحد ، ولا إله غيري ، أضرب وأشفى ، أميت وأحي ، أنزل الجحيم وأخرج منه، ولا يقدر أحد أن ينقذ نفسه من يدي ) ، ثم أعطاه الله عهد الختان وهكذا عرف الله أبونا إبراهيم ، ولما قال يسوع هذا رفع يديه قائلا : الكرامة والمجد لك يا الله ، ليكن كذلك .
الفصل الثلاثون
وذهب يسوع إلى أورشليم قرب المظال وهو أحد أعياد امتنا ، فلما علم هذا الكتبة والفريسيون تشاوروا ليتسقطوه بكلامه ، فلذلك جاء اليه فقيه قائلا: يا معلم ماذا يجب أن أفعل لأحصل على الحياة الأبدية ؟ ، أجاب يسوع : كيف كتب في الناموس ؟ أجاب قائلا : أحب الرب إلهك وقريبك ، أحب إلهك فوق كل شيء بكل قلبك وعقلك ، وقريبك كنفسك ، أجاب يسوع: أجبت حسنا ، واني أقول لك اذهب وافعل هكذا تكن لك الحياة الابدية ، فقال له : من هو قريبي ؟ ، أجاب يسوع رافعا طرفه : كان رجل نازلا من أورشليم ليذهب إلى أريحا مدينة اعيد بناؤها تحت اللعنة ، فأمسك اللصوص هذا الرجل على الطريق وجرحوه وعرّوه ، ثم انصرفوا وتركوه مشرفا على الموت ، فاتفق أن مر كاهن بذلك الموضع ، فلما رأى الجريح سار دون أن يحييه ، ومر مثله لاوى دون أن يقول كلمة ، واتفق ان مر ( أيضا) سامري ، فلما رأى الجريح عطف عليه وترجل عن فرسه وأخذ الجريح وغسل جراحه بخمر ودهنها بدهن ، وبعد ان ضمد جراحه وعزاه اركبه على فرسه ،ولما بلغ في المساء النزل سلمه الى عناية صاحبه ، ولما نهض صباحا قال : اعتن بهذا الرجل وأنا أدفع لك كل شيء ، وبعد ان قدم اربع قطع من الذهب للعليل لأجل صاحب النزل قال : تعز لأني أعود سريعا واذهب بك الى بيتي ، قال يسوع : قل لي أيهما كان القريب؟، أجاب الفقيه : الذي أظهر الرحمة ، حينئذ قال يسوع : قد أجبت بالصواب ، فاذهب وافعل كذلك ، فانصرف الفقيه بالخيبة .
الفصل الحادي والثلاثون
فاقترب الكهنة حينئذ الى يسوع وقالوا يا معلم أيجوز أن تعطي جزية لقيصر ؟ ، فالتفت يسوع ليهوذا وقال : هل معك نقود ؟ ثم أخذ يسوع بيده فلسا والتفت الى الكهنة وقال لهم : ان على هذا الفلس صورة فقولوا لي صورة من هي ؟ فأجابوا : صورة قيصر ، فقال يسوع : اعطوا إذا ما لقيصر لقيصر واعطوا ما لله لله ، حينئذ
(( كيف يجب على الإنسان أن يحب الله ، ويتضمن هذا الفصل النزاع العجيب بين إبراهيم وأبيه ))
ثم قال يسوع : كان رجل على سفر وبينما كان سائرا وجد كنزا في حقل معروض للمبيع بخمس قطع من النقود هم ، فلما علم الرجل ذلك ذهب توا وباع رداءه ليشتري ذلك الحقل فهل يصدق ذلك ؟ فأجاب التلاميذ : أن من لا يصدق هذا فهو مجنون ، فقال عندئذ يسوع : أنكم تكونون مجانين إذا كنتم لا تعطون حواسكم لله لتشتروا نفسكم حيث يستقر كنز المحبة ، لأن المحبة كنز لا نظير له ، لأن من يحب الله كان الله له ، ومن كان الله له كان له كل شيء ، أجاب بطرس : قل لنا يا معلم كيف يجب على الإنسان أن يحب الله محبة خالصة ،فأجاب يسوع : الحق أقول لكم أن من لا يبغض أباه وأمه وحياته وأولاده وامرأته لاجل محبة الله فمثل هذا ليس أهلا أن يحبه الله ، أجاب بطرس : يا معلم لقد كتب في ناموس الله في كتاب موسى ( اكرم اباك لتعيش طويلا على الأرض ) ، ثم يقول أيضا ( ليكن ملعونا الابن الذي لا يطيع أباه و امه ) ، ولذلك أمر الله بأن يرجم مثل هذا الابن العقوق أمام باب المدينة وجوبا بغضب الشعب ، فكيف تأمرنا أن نبغض أبانا وامنا؟ ، أجاب يسوع : كل كلمة من كلماتي صادقة ، لأنها ليست مني بل من الله الذي أرسلني الى بيت إسرائيل ، لذلك أقول لكم ان كل ما عندكم قد أنعم الله به عليكم ، فأي الامرين أعظم قيمة ؟ العطية أم المعطي؟، فمتى كان أبوك أو أمك أو غيرهما عثرة لك في خدمة الله فانبذهم كأنهم أعداء ، ألم يقل الله لإبراهيم : ( اخرج من بيت أبيك وأهلك وتعال اسكن في الأرض التي اعطيها لك ولنسلك ، ولماذا قال الله ذلك ؟ ، أليس لأن أبا إبراهيم كان صانع تماثيل يصنع ويعبد آلهة كاذبة ؟ لذلك بلغ العداء بينهما حداً أراد معه الأب أن يحرق ابنه ، أجاب بطرس : ان كلماتك صادقة ، واني أضرع اليك أن تقص علينا كيف سخر إبراهيم من أبيه ؟ ، أجاب يسوع : كان إبراهيم ابن سبع سنين لما ابتدأ أن يطلب الله ، فقال يوما لأبيه : (يا أبتاه من صنع الإنسان ؟ أجاب الوالد الغبي : ( الإنسان، لاني أنا صنعتك وأبي صنعني) ، فأجاب إبراهيم : ( يا أبي ليس الامر كذلك ، لأني سمعت شيخا ينتحب ويقول : (( يا إلهي لماذا لم تعطني أولادا )) . أجاب أبوه : ( حقا يابني الله يساعد الإنسان ليصنع إنسانا ولكنه لا يضع يده فيه ، فلا يلزم الإنسان الا أن يتقدم ويضرع إلى إلهه ويقدم له حملانا وغنما يساعده إلهه ، أجاب إبراهيم : ( كم إلها هنالك يا أبي ؟ ) ، أجاب الشيخ : ( لا عدد لهم يابني ) ، فحينئذ أجاب إبراهيم : ( ماذا أفعل يا أبي إذا خدمت إلها وأراد بي الاخر شرا لأني لا أخدمه ؟ ، ومهما يكن من الامر فانه يحصل بينهما شقاق ويقع الخصام بين الآلهة ولكن إذا قتل الإله الذي يريد بي شر إلهي فماذا افعل ؟ ، من المؤكد انه يقتلني أنا أيضا ؟ ) ، فأجاب الشيخ ضاحكا : ( لا تخف يابني لأنه لا يخاصم إله إلها ، كلا فإن في الهيكل الكبير الوفا من الآلهة مع الإله الكبير بعل ، وقد بلغت الآن سبعين سنة من العمر ومع ذلك فاني لم أر قط إلها ضرب إلها آخر ومن المؤكد إن الناس كلهم لا يعبدون إلها واحدا ، بل يعبد واحد إلها وآخر آخر ) ، أجاب إبراهيم : ( فإذا يوجد وفاق بينهم ؟ ) ، أجاب أبوه : ( نعم يوجد ) ، فقال حينئذ إبراهيم : ( يا أبي أي شيء تشبه الآلهة ؟ ) و أجاب الشيخ : ( يا غبي إني كل يوم اصنع إلها ابيعه لآخرين لأشتري خبزا وأنت لاتعلم كيف تكون الآلهة ! ) ، وكان في تلك الدقيقة يصنع تمثالا ، فقال ( هذا من اخشب النخل وذاك من الزيتون وذلك التمثال الصغير من العاج ، انظر ما أجمله ألا يظهر كأنه حي ، حقا لا يعوزه الا النفس ) ، أجاب إبراهيم : ( إذا يا أبي ليس للآلهة نفس فكيف يهبون الأنفاس ؟ ، ولما لم تكن لهم حياة فكيف يعطون إذا الحياة ، فمن المؤكد يا أبي أن هؤلاء ليسوا هم الله ؟ ) ، فحنق الشيخ لهذا الكلام قائلا : ( لو كنت بالغا من العمر ما تتمكن معه من الإدراك لشججت رأسك بهذه الفأس ، ولكن اصمت إذ ليس لك إدراك ) ، أجاب إبراهيم : ( يا أبي إن كانت الآلهة تساعد على صنع الإنسان فكيف يتأتى للإنسان أن يصنع آلهة ؟ ، وإذا كانت الآلهة مصنوعة من خشب فان احراق الخشب خطيئة كبرى ، ولكن قل لي يا أبت كيف وأنت قد صنعت آلهة هذا عديدها لم تساعدك الالهة لتصنع أولادا كثيرين فتصير أقوى رجل في العالم ؟ ) ، فحنق الأب لما سمع ابنه يتكلم هكذا ، فأكمل الابن قائلا : ( يا أبت هل وجد العالم حينا من الدهر بدون بشر ؟ ) أجاب الشيخ : ( نعم ولماذا ؟ ) ، قال إبراهيم : ( لأني أحب أن أعرف من صنع الإله الأول ) فقال الشيخ : انصرف الآن من بيتي ودعني أصنع هذه الإله سريعا ولا تكلمني كلاما ، فمتى كنت جائعا فانك تشتهي خبزا لا كلاما ) ، فقال إبراهيم : ( إنه لإله عظيم فإنك تقطعه كما تريد وهو لا يدافع عن نفسه ) فغضب الشيخ وقال : ( إن العالم بأسره يقول انه إله وأنت أيها الغلام الغبي تقول كلا ؟ فو آلهتي لو كنت رجلا لقتلتك ، ولما قال هذا ضرب إبراهيم ورفسه وطرده من البيت .
الفصل السابع والعشرون
(( يوضح هذا الفصل عدم لياقة الضحك بالناس ، وفطنة إبراهيم ))
فضحك التلاميذ من حمق الشيخ ووقفوا منذهلين من فطنة إبراهيم ، ولكن يسوع وبخهم قائلا : لقد نسيتم كلام النبي القائل : ( الضحك العاجل نذير البكاء الآجل ) ، وأيضا ( لا تذهب إلى حيث الضحك بل اجلس حيث ينوحون، لأن هذه الحياة تنقضي في الشقاء ) ، ثم قال يسوع : ألا تعلمون أن الله في زمن موسى مسخ ناسا كثيرين في مصر حيوانات مخوفة ، لأنهم ضحكوا واستهزؤا بالآخرين ، احذروا من أن تضحكوا من أحد ما لأنكم بكاءا تبكون بسببه ، فأجاب التلاميذ : أننا ضحكنا من حماقة الشيخ ، فأجاب حينئذ يسوع : الحق أقول لكم كل نظير يحب نظيره فيجد في ذلك مسرة ، ولذلك لو لم تكونوا أغبياء لما ضحكتم من الغباوة ، أجابوا : ليرحمنا الله ، قال يسوع ليكن كذلك ، حينئذ قال فيلبس : يا معلم كيف حدث أن أبا إبراهيم أحب أن يحرق ابنه ؟ ، أجاب يسوع : لما بلغ إبراهيم اثنتي عشرة سنة من العمر قال أبوه يوما ما ( غدا عيد كل الآلهة ، فلذلك سنذهب إلى الهيكل الكبير ونحمل هدية لإلهي بعل العظيم ، وأنت تنتخب لنفسك إلها ، لأنك بلغت سنا يحق لك معه اتخاذ إله ) ، فأجاب إبراهيم بمكر ( سمعا وطاعة يا أبي ) ، فبكر في الصباح إلى الهيكل قبل كل أحد ، ولكن إبراهيم كان يحمل تحت صدرته فأسا مستورة ، فلما دخلا الهيكل وازداد الجمع خبأ إبراهيم نفسه وراء صنم في ناحية مظلمة في الهيكل ، فلما انصرف أبوه ظن أن إبراهيم سبقه إلى البيت ولذلك لم يمكث ليفتش عليه .
الفصل الثامن والعشرون
ولما انصرف كل أحد من الهيكل اقفل الكهنة الهيكل وانصرفوا ، فأخذ
إبراهيم إذ ذاك الفأس وقطع قوائم جميع الأصنام إلا الإله الكبير بعلا ، فوضع الفأس عند قوائمه بين جذاذ التماثيل التي تساقطت قطعا لأنها كانت قديمة العهد ومؤلفة من أجزاء ، ولما كان إبراهيم خارجا من الهيكل رآه جماعة من الناس فظنوا انه دخل ليسرق شيئا من الهيكل فأمسكوه ، ولما بلغوا به الهيكل ورأوا آلهتهم محطمة قطعا صرخوا منتخبين: ( اسرعوا يا قوم ولنقتل الذي قتل آلهتنا ) ، فهرع إلى هناك نحو عشرة آلاف رجل مع الكهنة وسألوا إبراهيم عن السبب الذي لأجله حطم آلهتهم ، أجاب إبراهيم : ( إنكم لأغبياء ، أيقتل الإنسان الله ، إن الذي قتلها إنما هو الإله الكبير ، ألا ترون الفأس التي له عند قدميه ، إنه لا يبتغي له اندادا ) فوصل حينئذ أبو إبراهيم الذي ذكر أحاديث إبراهيم في آلهتهم ، وعرف الفأس التي حطم بها إبراهيم الأصنام ، فصرخ : إنما قتل آلهتنا ابني الخائن هذا لأن هذه الفأس فأسي ، وقص عليهم كل ما جرى بينه وبين ابنه ، فجمع القوم مقدارا كبيرا من الحطب ، وربطوا يدي إبراهيم ورجليه ،ووضعوه على الحطب ووضعوا نارا تحته ، فإذا الله قد أمر النار بواسطة ملاكه جبريل الا تحرق عبده إبراهيم ، فاضطرمت النار باحتدام وحرقت نحو ألفي رجل من الذين حكموا على إبراهيم بالموت ، أما إبراهيم فقد وجد نفسه مطلق السراح إذ حمله ملاك الله إلى مقربة من بيت أبيه دون أن يرى من حمله ، وهكذا نجا إبراهيم من الموت .
الفصل التاسع والعشرون
حينئذ قال فيلبس : ما أعظم هي رحمة الله للذين يحبونه ، قل لنا يا معلم كيف وصل إلى معرفة الله ، أجاب يسوع : لما بلغ إبراهيم جوار بيت أبيه خاف أن يدخل البيت ، فانتقل إلى بعد البيت وجلس تحت شجرة نخل حيث لبث منفردا ، وقال : ( لا بد من وجود إله ذي حياة وقوة أكثر من الإنسان لأنه يصنع الإنسان ، والإنسان بدون الله لا يقدر أن يصنع الإنسان ) ، حينئذ التفت حوله وأجال نظره في النجوم والقمر والشمس فظن أنها هي الله ، ولكن بعد التبصر في تغيراتها وحركاتها قال: ( يجب الا تطرأ على الله الحركة ولا تحجبه الغيوم والا فني الناس ) ، وبينما هو متحير سمع اسمه ينادي : ( يا إبراهيم ) ، فلما التفت ولم ير أحد في جهة قال : ( اني قد سمعت يا إبراهيم ) ، ثم سمع كذلك اسمه ينادى مرتين اخريين ( يا إبراهيم)، فأجاب : ( من يناديني ؟ ) ، حينئذ سمع قائلا يقول : ( انه أنا ملاك الله جبريل ) ، فارتاع إبراهيم ، ولكن الملاك سكن روعه قائلا : ( لا تخف يا إبراهيم لأنك خليل الله ، فانك لما حطمت آلهة الناس تحطيما اصطفاك إله الملائكة والأنبياء حتى إنك كتبت في سفر الحياة ) ، حينئذ قال إبراهيم ( ماذا يجب علي أن أفعل لأعبد إله الملائكة والأنبياء الاطهار ؟ ) ، فأجاب الملاك : ( اذهب إلى ذلك الينبوع واغتسل ، لأن الله يريد أن يكلمك)، أجاب إبراهيم : ( كيف ينبغي أن اغتسل ؟ ) ، فتبدى له حينئذ الملاك يافعا جميلا واغتسل من الينبوع قائلا :افعل كذلك بنفسك يا إبراهيم ) ، فلما اغتسل إبراهيم قال الملاك ( ارتق ذلك الجبل لأن الله يريد أن يكلمك هناك ) ، فارتقى إبراهيم الجبل كما قال له الملاك ، ولما جثا على ركبتيه قال لنفسه ( متى يا ترى يكلمني إله الملائكة ؟ ) ، فسمع صوتا لطيفا يناديه ( يا إبراهيم ) ،فأجابه إبراهيم : ( من يناديني ؟ ) ، فأجاب الصوت : ( أنا إلهك يا إبراهيم ) ، أما إبراهيم فارتاع وعفر بوجهه الأرض قائلا : ( كيف يصغي عبدك اليك وهو تراب ورماد ؟ ) ، حينئذ قال الله ( لا تخف بل انهض لاني قد اصطفيتك عبدا لي واني أريد أن أباركك وأجعلك شعبا عظيما ، فاخرج إذا من بيت أبيك وأهلك وتعالى اسكن في الأرض التي اعطيكها أنت ونسلك ، فأجاب إبراهيم : ( إني لفاعل كل ذلك يا رب ولكن احرسني لكي لا يضرني إله آخر ) ، فتكلم الله قائلا : ( أنا الله أحد ، ولا إله غيري ، أضرب وأشفى ، أميت وأحي ، أنزل الجحيم وأخرج منه، ولا يقدر أحد أن ينقذ نفسه من يدي ) ، ثم أعطاه الله عهد الختان وهكذا عرف الله أبونا إبراهيم ، ولما قال يسوع هذا رفع يديه قائلا : الكرامة والمجد لك يا الله ، ليكن كذلك .
الفصل الثلاثون
وذهب يسوع إلى أورشليم قرب المظال وهو أحد أعياد امتنا ، فلما علم هذا الكتبة والفريسيون تشاوروا ليتسقطوه بكلامه ، فلذلك جاء اليه فقيه قائلا: يا معلم ماذا يجب أن أفعل لأحصل على الحياة الأبدية ؟ ، أجاب يسوع : كيف كتب في الناموس ؟ أجاب قائلا : أحب الرب إلهك وقريبك ، أحب إلهك فوق كل شيء بكل قلبك وعقلك ، وقريبك كنفسك ، أجاب يسوع: أجبت حسنا ، واني أقول لك اذهب وافعل هكذا تكن لك الحياة الابدية ، فقال له : من هو قريبي ؟ ، أجاب يسوع رافعا طرفه : كان رجل نازلا من أورشليم ليذهب إلى أريحا مدينة اعيد بناؤها تحت اللعنة ، فأمسك اللصوص هذا الرجل على الطريق وجرحوه وعرّوه ، ثم انصرفوا وتركوه مشرفا على الموت ، فاتفق أن مر كاهن بذلك الموضع ، فلما رأى الجريح سار دون أن يحييه ، ومر مثله لاوى دون أن يقول كلمة ، واتفق ان مر ( أيضا) سامري ، فلما رأى الجريح عطف عليه وترجل عن فرسه وأخذ الجريح وغسل جراحه بخمر ودهنها بدهن ، وبعد ان ضمد جراحه وعزاه اركبه على فرسه ،ولما بلغ في المساء النزل سلمه الى عناية صاحبه ، ولما نهض صباحا قال : اعتن بهذا الرجل وأنا أدفع لك كل شيء ، وبعد ان قدم اربع قطع من الذهب للعليل لأجل صاحب النزل قال : تعز لأني أعود سريعا واذهب بك الى بيتي ، قال يسوع : قل لي أيهما كان القريب؟، أجاب الفقيه : الذي أظهر الرحمة ، حينئذ قال يسوع : قد أجبت بالصواب ، فاذهب وافعل كذلك ، فانصرف الفقيه بالخيبة .
الفصل الحادي والثلاثون
فاقترب الكهنة حينئذ الى يسوع وقالوا يا معلم أيجوز أن تعطي جزية لقيصر ؟ ، فالتفت يسوع ليهوذا وقال : هل معك نقود ؟ ثم أخذ يسوع بيده فلسا والتفت الى الكهنة وقال لهم : ان على هذا الفلس صورة فقولوا لي صورة من هي ؟ فأجابوا : صورة قيصر ، فقال يسوع : اعطوا إذا ما لقيصر لقيصر واعطوا ما لله لله ، حينئذ
الأربعاء سبتمبر 29, 2010 3:20 pm من طرف hamdy222
» حقيبة المسلم
الأحد فبراير 28, 2010 4:08 am من طرف hamdy222
» صلوات على محمد لباسم الكربلائى;
الثلاثاء أكتوبر 14, 2008 2:35 pm من طرف Admin
» أسماء الله الحسنى للنقشبندى
الثلاثاء أكتوبر 14, 2008 1:54 pm من طرف Admin
» بروتوكولات حكماء صهيون
الثلاثاء أكتوبر 14, 2008 12:50 pm من طرف Admin
» ربى قعوار ..لماذا أسلمت..؟ 2
الخميس سبتمبر 11, 2008 11:00 am من طرف زائر
» ربى قعوار ..لماذا أسلمت..؟
الخميس سبتمبر 11, 2008 10:58 am من طرف زائر
» افتتاح موقع جديد عن سيدنا رسول الله
الإثنين سبتمبر 01, 2008 11:32 pm من طرف Admin
» كلام من قلب مؤمن...لماذا أسلمت...
الإثنين سبتمبر 01, 2008 11:10 pm من طرف Admin