الفصل التاسع و الأربعون
قرأ الكتبة في ذلك اليوم مزمور داود حيث يقول داود: متى وجدت وقتا أقضي بالعدل ، وبعد قراءة الأنبياء انتصب يسوع وأومأ ايماء السكوت بيديه، وفتح فاه وتكلم هكذا : أيها الاخوة لقد سمعتم الكلام الذي تكلم به النبي داود أبونا انه متى وجد وقتا قضى بالعدل ، اني أقول لكم حقا ان كثيرين يقضون فيخطئون ، وإنما يخطئون فيما لا يوافق أهواءهم، وأما ما يوافقها فيقضون به قبل وقته ، كذلك ينادينا إله آبائنا على لسان نبيه داود قائلا: اقضوا بالعدل يا أبناء الناس، فما أشقى أولئك الذين يجلسون على منعطفات الشوارع ولا عمل لهم إلا الحكم على المارة ، قائلين : ذلك جميل وهذا قبيح ذلك حسن وهذا ردىء ، ويل لهم لأنهم يرفعون قضيب الدينونة من يد الله الذي يقول : ( اني شاهد وقاض ولا أعطي مجدي لاحد ، الحق أقول لكم ان هؤلاء يشهدون بما لم يروا ولم يسمعوا قط ، ويقضون دون أن ينصبوا قضاة، وانهم لذلك مكرهون على الأرض أمام عيني الله الذي سيدينهم دينونة رهيبة في اليوم الآخر ، ويل لكم ويل لكم أنتم الذين تمدحون الشر وتدعون الشر خيرا ، لأنكم تحكمون على الله بأنه أثيم وهو منشىء الصلاح، وتبررون الشيطان كأنه صالح وهو منشأ كل شر ، فتأملوا أي قصاص يحل بكم وان الوقوع في دينونة الله مخوف وستحل حينئذ على أولئك الذين يبررون الأثيم لأجل النقود ، ولا يقضون في دعوى اليتامى والارامل ، الحق أقول لكم ان الشياطين سيقشعرون من دينونة هؤلاء ، لأنها ستكون رهيبة جدا، أيها الإنسان المنصوب قاضيا لا تنظر إلى شيء آخر ، لا إلى الأقرباء ولا إلى الأصدقاء ولا إلى الشرف ولا إلى الربح ، بل أنظر فقط بخوف الله إلى الحق الذي يجب عليك أن تطلبه باجتهاد أعظم ، لأنه يقيك دينونة الله ، ولكني أنذرك أن من يدين بدون رحمة يدان بدون رحمة .
الفصل الخمسون
قل لي أيها الإنسان الذي تدين غيرك، ألا تعلم ان منشأ كل البشر من طينة واحدة ، ألا تعلم أنه لا يوجد أحد صالح إلا الله وحده ، لذلك كان كل إنسان كاذبا وخاطئا ، صدقني أيها الإنسان انك إذا كنت تدين غيرك على ذنب فإن في قلبك منه ما تدان عليه ، ما أشد القضاء خطرا، ما أكثر الذين هلكوا بقضائهم الجائر، فالشيطان حكم على الإنسان بأنه أنجس منه، لذلك عصى الله خالقه، تلك المعصية التي لم يتب عنها فان لي علما بذلك من محادثتي اياه، وقد حكم ابوانا الاولان بحسن حديث الشيطان، فطردا لذلك من الجنة، وقضيا على كل نسلهما، الحق أقول لكم لعمر الله الذي أقف في حضرته ان الحكم الباطل هو أبو كل الخطايا، لأن لا أحد يخطىء بدون ارادة ولا أحد يريد ما لا يعرف ، ويل إذا للخاطئ الذي يحكم في قضائه بأن الخطيئة صالحة والصلاح فساد، الذي يرفض لذلك السبب الصلاح ويختار الخطيئة ، أنه سيحل به قصاص لا يطاق متى جاء الله ليدين العالم ، ما أكثر الذين هلكوا بسبب القضاء الجائر ، وما أكثر الذين أوشكوا أن يهلكوا ، قضى فرعون على موسى وشعب إسرائيل بالكفر ، وقضى شاول على داود بأنه مستحق للموت ، وقضى اخاب على ايليا، ونبوخذ نصرعلى الثلاثة الغلمان الذين لم يعبدوا آلهتهم الكاذبة، وقضى الشيخان على سوسنة ، وقضى كل الرؤساء عبدة الاصنام على الانبياء ، ما أرهب قضاء الله، يهلك القاضي وينجو المقضي عليه ، ولماذا هذا أيها الانسان ان لم يكن لأنهم يحكمون على البرئ ظلما بالطيش ؟ ما كان أشد قرب الصالحين من الهلاك ، لأنهم حكموا باطلا، يتبين ذلك من ( قصه ) أخوة يوسف الذين باعوه (( للمصريين )) ومن هرون ومريم اخت موسى اللذين حكما على أخيهما، وثلاثة من أصدقاء أيوب حكموا على خليل الله البرئ أيوب ، وداود قضى على مفيبوشت وأوريا ، وقضى كورش بأن يكون دانيال طعاما للاسود ، وكثيرون آخرون أشرفوا على الهلاك بسبب هذا ، لذلك أقول لكم لا تدينوا فلا تدانوا ، فلما أنجز يسوع كلامه تاب كثيرون نائحين على خطاياهم وودوا لو يتركون كل شيء ويتبعونه ، ولكن يسوع قال : ابقوا في بيوتكم ، واتركوا الخطيئة ، واعبدوا الله بخوف فبهذا تخلصون ، لأني لم آت لأخدَم بل لأخدِم ، ولما قال هذا خرج من المجمع والمدينة ، وانفرد في الصحراء ليصلي لأنه كان يحب العزلة كثيرا.
الفصل الحادي والخمسون
بعد أن صلى للرب جاء تلاميذه إليه وقالوا : يا معلم نحب أن نعرف شيئين ، أحدهما كيف كلمت الشيطان وأنت تقول عنه مع ذلك أنه غير تائب ؟ ، والآخر كيف يأتي الله ليدين في يوم الدينونة ؟ ، أجاب يسوع : الحق أقول لكم أني عطفت على الشيطان لما علمت بسقوطه ، وعطفت على الجنس البشري الذي يفتنه ليخطئ ، لذلك صليت وصمت لإلهنا الذي كلمني بواسطة ملاكه جبريل: ( ماذا تطلب يا يسوع وما هو سؤلك ؟ ) أجبت : يا رب أنت تعلم أي شر كان الشيطان سببه وأنه بواسطة فتنته يهلك كثيرون ، وهو خليقتك يا رب التي خلقت ، فارحمه يا رب ، أجاب الله : يا يسوع أنظر فإني أصفح عنه ، فحمله على أن يقول فقط ( أيها الرب إلهي لقد أخطأت فارحمني ، فأصفح عنه وأعيده إلى حاله الأولى ) ، قال يسوع: لما سمعت هذا سررت جدا موقنا إني قد فعلت هذا الصلح، لذلك دعوت الشيطان فأتى قائلا : ( ماذا يجب أن أفعل لك يا يسوع ؟ ) أجبت : إنك تفعل لنفسك أيها الشيطان ، لأني لا أحب خدمتك، وإنما دعوتك لما فيه صلاحك ، أجاب الشيطان : ( إذا كنت لا تود خدمتي فإني لا أود خدمتك لأني أشرف منك، فأنت لست أهلا لأن تخدمني أنت يا من هو طين أما أنا فروح ) فقلت : لنترك هذا وقل لي اليس حسنا أن تعود إلى جمالك الأول وحالك الأولى، وأنت تعلم أن الملاك ميخائيل سيضربك في يوم الدينونه بسيف الله مئة ألف ضربة ، وسينالك من كل ضربة عذاب عشر جحيمات ، أجاب الشيطان : ( سنرى في ذلك اليوم أينا أكثر فعلا ، فإنه سيكون لي ( أنصار ) كثيرون من الملائكة ومن أشد عبدة الأوثان قوة الذين يزعجون الله ، وسيعلم إى غلطة عظيمة أرتكب بطردي من أجل طينة نجسه ) حينئذ قلت : أيها الشيطان أنك سخيف العقل فلا تعلم ما أنت قائل ، فهز حينئذ الشيطان رأسه ساخرا وقال : ( تعال الآن ولنتم هذه المصالحة بيني وبين الله ، وقل أنت يا يسوع ما يجب فعله لأنك أنت صحيح العقل ) أجبت يجب التكلم بكلمتين فقط ، أجاب الشيطان : ( وما هما؟ ) أجبت : هما (( أخطأت فارحمني )) فقال الشيطان: ( اني بمسرة أقبل هذه المصالحة إذا قال الله هاتين الكلمتين لي ) فقلت: انصرف عني الآن أيها اللعين ، لأنك الأثيم المنشيء لكل ظلم وخطيئة ، ولكن الله عادل منزه عن الخطايا ، فانصرف الشيطان مولولا وقال : ( ان الأمر ليس كذلك يا يسوع ولكنك تكذب لترضي الله ) قال يسوع لتلاميذه : أنظروا الآن أنى يجد رحمة ، أجابوا : أبدا يا رب لأنه غير تائب ، أما الآن فأخبرنا عن دينونة الله .
الفصل الثاني والخمسون
الحق أقول لكم أن يوم دينونة الله سيكون رهيبا بحيث أن المنبوذين يفضلون عشر جحيمات على أن يذهبوا ليسمعوا الله يكلمهم بغضب شديد، الذين ستشهد عليهم كل المخلوقات، الحق أقول لكم ليس المنبوذين هم الذين يخشون فقط بل القديسون وأصفياء الله (( كذلك )) ، حتى أن إبراهيم لا يثق ببره، ولا يكون لأيوب ثقة في براءته، وماذا أقول؟ ، بل أن رسول الله سيخاف، لأن الله اظهارا لجلاله سيجرد رسوله من الذاكرة، حتى لا يذكر كيف أن الله أعطاه كل شيء ، الحق أقول لكم متكلما من القلب أني أقشعر لأن العالم سيدعوني إلها، وعلي أن أقدم لأجل هذا حسابا، لعمر الله الذي نفسي واقفة في حضرته أني رجل فان كسائر الناس، على أني وان أقامني الله نبيا على بيت إسرائيل لأجل صحة الضعفاء وإصلاح الخطاة خادم الله، وأنتم شهدا على هذا كيف أني أنكر على هؤلاء الأشرار الذين بعد انصرافي من العالم سيبطلون حق إنجيلي بعمل الشيطان، ولكني سأعود قبيل النهاية، وسيأتي معي أخنوخ وايليا، ونشهد على الأشرار الذين ستكون آخرتهم ملعونة، وبعد أن تكلم يسوع هكذا أذرف الدموع ، فبكى تلاميذه بصوت عال ورفعوا أصواتهم قائلين: اصفح أيها الرب الإله وارحم خادمك البريء، فأجاب يسوع آمين آمين.
الفصل الثالث والخمسون
قال يسوع : قبل أن يأتي ذلك اليوم سيحل بالعالم خراب عظيم، وستنشب حرب فتاكة طاحنة، فيقتل الأب ابنه، ويقتل الابن أباه بسبب أحزاب الشعوب، ولذلك تنقرض المدن وتصير البلاد قفرا، وتقع أوبئة فتاكة حتى لا يعود يوجد من يحمل الموتى للمقابر بل تترك طعاما للحيوانات، وسيرسل الله مجاعة على الذين يبقون على الأرض فيصير الخبز أعظم قيمة من الذهب، فيأكلون كل أنواع الأشياء النجسة، يالشقاء ((ذلك)) الجيل الذي لا يكاد يسمع فيه أحد يقول: (( أخطأت فارحمني يا الله)) يجدفون بأصوات مخوفة على المجيد المبارك إلى الأبد، وبعد هذا متى أخذ ذلك اليوم في الاقتراب تأتي كل يوم علامة مخوفة على سكان الأرض مدة خمسة عشر يوما، ففي اليوم الأول تسير الشمس في مدارها في السماء بدون نور، بل تكون سوداء كصبغ الثوب، وستئن كما يئن أب على ابن مشرف على الموت، وفي اليوم الثاني يتحول القمر إلى دم، وسيأتي دم على الأرض كالندى، وفي اليوم الثالث تشاهد النجوم آخذة في الاقتتال كجيش من الأعداء، وفي اليوم الرابع تتصادم الحجارة والصخور كأعداء ألداء، وفي اليوم الخامس يبكي كل نبات وعشب دما، وفي اليوم السادس يطغى البحر دون أن يتجاوز محله إلى علو مئة وخمسين ذراعا، ويقف النهار كله كجدار، وفي اليوم السابع ينعكس الأمر فيغور حتى لا يكاد يرى، وفي اليوم الثامن تتألب الطيور وحيوانات البر والماء ولها جوار وصراخ، وفي اليوم التاسع ينزل صيب من البرد مخوف بحيث أنه يفتك فتكا لا يكاد ينجو منه عشر الأحياء، وفي اليوم العاشر يأتي برق ورعد مخوفان فينشق ويحترق ثلث الجبال، وفي اليوم الحادي عشر يجري كل نهر إلى الوراء ويجري دما لا ماء، وفي اليوم الثاني عشر يئن ويصرخ كل مخلوق، وفي اليوم الثالث عشر تطوى السماء كطي الدرج، وتمطر نارا حتى يموت كل حي، وفي اليوم الرابع عشر يحدث زلزال مخوف حتى أن قنن الجبال تتطاير منه في الهواء كالطيور، وتصير الأرض كلها سهلا، وفي اليوم الخامس عشر تموت الملائكة الأطهار، ولا يبقى حيا إلا الله وحده الذي له الاكرام والمجد، ولما قال يسوع هذا صفع وجهه بكلتا يديه، ثم ضرب الأرض برأسه ولما رفع رأسه قال: ليكن ملعونا كل من يدرج في أقوالي أني ابن الله، فسقط التلاميذ عند هذه الكلمات كأموات، فأنهضهم يسوع قائلا: لنخف الله الآن إذا أردنا أن لا نراع في ذلك اليوم.
الفصل الرابع والخمسون
فمتى مرت هذه العلامات تغشى العالم ظلمة أربعين سنة ليس فيها من حي إلا الله وحده الذي له الاكرام والمجد إلى الأبد، ومتى مرت الأربعون سنة يحيي الله رسوله الذي سيطلع أيضا كالشمس بيد أنه متألق كألف شمس، فيجلس ولا يتكلم لأنه سيكون كالمخبول، وسيقيم الله أيضا الملائكة الأربعة المقربين، لله الذين ينشدون رسول الله، فمتى وجدوه قاموا على الجوانب الأربعة للمحل حراسا له، ثم يحيي الله بعد ذلك سائر الملائكة الذين يأتون كالنحل ويحيطون برسول الله، ثم يحيي الله بعد ذلك سائر أنبيائه الذين سيأتون جميعهم تابعين لآدم، فيقبلون يد رسول الله واضعين أنفسهم في كنف حمايته ثم يحيي الله بعد ذلك سائر الأصفياء الذين يصرخون : ( أذكرنا يا محمد، فتتحرك الرحمة في رسول الله لصراخهم، وينظر فيما يجب فعله خائفا لأجل خلاصهم، ثم يحيي الله بعد ذلك كل مخلوق فتعود إلى وجودها الأول، وسيكون لكل منها قوة النطق علاوة، ثم يحيي الله بعد ذلك المنبوذين كلهم الذين عند قيامتهم يخاف سائر خلق الله بسبب قبح منظرهم، ويصرخون : ( أيها الرب إلهنا لا تدعنا من رحمتك) وبعد هذا يقيم الله الشيطان الذي سيصير كل مخلوق عند النظر إليه كميت خوفا من هيئة منظره المريع، ثم قال يسوع: أرجو الله أن لا أرى هذه الهولة في ذلك اليوم. ان رسول الله وحده لا يتهيب هذه المناظر لأنه لا يخاف إلا الله وحده، عندئذ يبوق الملاك مرة أخرى فيقوم الجميع لصوت بوقه قائلا: ( تعالوا للدينونه أيتها الخلائق لأن خالقك يريد أن يدينك ، فينظر حينئذ في وسط السماء فوق وادي يهو شافاط عرش متألق تظلله غمامة بيضاء، فحينئذ تصرخ الملائكة: ( تبارك إلهنا أنت الذي خلقتنا وأنقذتنا من سقوط الشيطان ) عند ذلك يخاف رسول الله لأنه يدرك أن لا أحد أحب الله كما يجب، لأن من يأخذ بالصرافة قطعة ذهب يجب أن يكون معه ستون فلسا، فإذا كان عنده فلس واحد فلا يقدر أن يصرفه، ولكن إذا خاف رسول الله فماذا يفعل الفجار المملوؤون شرا؟ .
قرأ الكتبة في ذلك اليوم مزمور داود حيث يقول داود: متى وجدت وقتا أقضي بالعدل ، وبعد قراءة الأنبياء انتصب يسوع وأومأ ايماء السكوت بيديه، وفتح فاه وتكلم هكذا : أيها الاخوة لقد سمعتم الكلام الذي تكلم به النبي داود أبونا انه متى وجد وقتا قضى بالعدل ، اني أقول لكم حقا ان كثيرين يقضون فيخطئون ، وإنما يخطئون فيما لا يوافق أهواءهم، وأما ما يوافقها فيقضون به قبل وقته ، كذلك ينادينا إله آبائنا على لسان نبيه داود قائلا: اقضوا بالعدل يا أبناء الناس، فما أشقى أولئك الذين يجلسون على منعطفات الشوارع ولا عمل لهم إلا الحكم على المارة ، قائلين : ذلك جميل وهذا قبيح ذلك حسن وهذا ردىء ، ويل لهم لأنهم يرفعون قضيب الدينونة من يد الله الذي يقول : ( اني شاهد وقاض ولا أعطي مجدي لاحد ، الحق أقول لكم ان هؤلاء يشهدون بما لم يروا ولم يسمعوا قط ، ويقضون دون أن ينصبوا قضاة، وانهم لذلك مكرهون على الأرض أمام عيني الله الذي سيدينهم دينونة رهيبة في اليوم الآخر ، ويل لكم ويل لكم أنتم الذين تمدحون الشر وتدعون الشر خيرا ، لأنكم تحكمون على الله بأنه أثيم وهو منشىء الصلاح، وتبررون الشيطان كأنه صالح وهو منشأ كل شر ، فتأملوا أي قصاص يحل بكم وان الوقوع في دينونة الله مخوف وستحل حينئذ على أولئك الذين يبررون الأثيم لأجل النقود ، ولا يقضون في دعوى اليتامى والارامل ، الحق أقول لكم ان الشياطين سيقشعرون من دينونة هؤلاء ، لأنها ستكون رهيبة جدا، أيها الإنسان المنصوب قاضيا لا تنظر إلى شيء آخر ، لا إلى الأقرباء ولا إلى الأصدقاء ولا إلى الشرف ولا إلى الربح ، بل أنظر فقط بخوف الله إلى الحق الذي يجب عليك أن تطلبه باجتهاد أعظم ، لأنه يقيك دينونة الله ، ولكني أنذرك أن من يدين بدون رحمة يدان بدون رحمة .
الفصل الخمسون
قل لي أيها الإنسان الذي تدين غيرك، ألا تعلم ان منشأ كل البشر من طينة واحدة ، ألا تعلم أنه لا يوجد أحد صالح إلا الله وحده ، لذلك كان كل إنسان كاذبا وخاطئا ، صدقني أيها الإنسان انك إذا كنت تدين غيرك على ذنب فإن في قلبك منه ما تدان عليه ، ما أشد القضاء خطرا، ما أكثر الذين هلكوا بقضائهم الجائر، فالشيطان حكم على الإنسان بأنه أنجس منه، لذلك عصى الله خالقه، تلك المعصية التي لم يتب عنها فان لي علما بذلك من محادثتي اياه، وقد حكم ابوانا الاولان بحسن حديث الشيطان، فطردا لذلك من الجنة، وقضيا على كل نسلهما، الحق أقول لكم لعمر الله الذي أقف في حضرته ان الحكم الباطل هو أبو كل الخطايا، لأن لا أحد يخطىء بدون ارادة ولا أحد يريد ما لا يعرف ، ويل إذا للخاطئ الذي يحكم في قضائه بأن الخطيئة صالحة والصلاح فساد، الذي يرفض لذلك السبب الصلاح ويختار الخطيئة ، أنه سيحل به قصاص لا يطاق متى جاء الله ليدين العالم ، ما أكثر الذين هلكوا بسبب القضاء الجائر ، وما أكثر الذين أوشكوا أن يهلكوا ، قضى فرعون على موسى وشعب إسرائيل بالكفر ، وقضى شاول على داود بأنه مستحق للموت ، وقضى اخاب على ايليا، ونبوخذ نصرعلى الثلاثة الغلمان الذين لم يعبدوا آلهتهم الكاذبة، وقضى الشيخان على سوسنة ، وقضى كل الرؤساء عبدة الاصنام على الانبياء ، ما أرهب قضاء الله، يهلك القاضي وينجو المقضي عليه ، ولماذا هذا أيها الانسان ان لم يكن لأنهم يحكمون على البرئ ظلما بالطيش ؟ ما كان أشد قرب الصالحين من الهلاك ، لأنهم حكموا باطلا، يتبين ذلك من ( قصه ) أخوة يوسف الذين باعوه (( للمصريين )) ومن هرون ومريم اخت موسى اللذين حكما على أخيهما، وثلاثة من أصدقاء أيوب حكموا على خليل الله البرئ أيوب ، وداود قضى على مفيبوشت وأوريا ، وقضى كورش بأن يكون دانيال طعاما للاسود ، وكثيرون آخرون أشرفوا على الهلاك بسبب هذا ، لذلك أقول لكم لا تدينوا فلا تدانوا ، فلما أنجز يسوع كلامه تاب كثيرون نائحين على خطاياهم وودوا لو يتركون كل شيء ويتبعونه ، ولكن يسوع قال : ابقوا في بيوتكم ، واتركوا الخطيئة ، واعبدوا الله بخوف فبهذا تخلصون ، لأني لم آت لأخدَم بل لأخدِم ، ولما قال هذا خرج من المجمع والمدينة ، وانفرد في الصحراء ليصلي لأنه كان يحب العزلة كثيرا.
الفصل الحادي والخمسون
بعد أن صلى للرب جاء تلاميذه إليه وقالوا : يا معلم نحب أن نعرف شيئين ، أحدهما كيف كلمت الشيطان وأنت تقول عنه مع ذلك أنه غير تائب ؟ ، والآخر كيف يأتي الله ليدين في يوم الدينونة ؟ ، أجاب يسوع : الحق أقول لكم أني عطفت على الشيطان لما علمت بسقوطه ، وعطفت على الجنس البشري الذي يفتنه ليخطئ ، لذلك صليت وصمت لإلهنا الذي كلمني بواسطة ملاكه جبريل: ( ماذا تطلب يا يسوع وما هو سؤلك ؟ ) أجبت : يا رب أنت تعلم أي شر كان الشيطان سببه وأنه بواسطة فتنته يهلك كثيرون ، وهو خليقتك يا رب التي خلقت ، فارحمه يا رب ، أجاب الله : يا يسوع أنظر فإني أصفح عنه ، فحمله على أن يقول فقط ( أيها الرب إلهي لقد أخطأت فارحمني ، فأصفح عنه وأعيده إلى حاله الأولى ) ، قال يسوع: لما سمعت هذا سررت جدا موقنا إني قد فعلت هذا الصلح، لذلك دعوت الشيطان فأتى قائلا : ( ماذا يجب أن أفعل لك يا يسوع ؟ ) أجبت : إنك تفعل لنفسك أيها الشيطان ، لأني لا أحب خدمتك، وإنما دعوتك لما فيه صلاحك ، أجاب الشيطان : ( إذا كنت لا تود خدمتي فإني لا أود خدمتك لأني أشرف منك، فأنت لست أهلا لأن تخدمني أنت يا من هو طين أما أنا فروح ) فقلت : لنترك هذا وقل لي اليس حسنا أن تعود إلى جمالك الأول وحالك الأولى، وأنت تعلم أن الملاك ميخائيل سيضربك في يوم الدينونه بسيف الله مئة ألف ضربة ، وسينالك من كل ضربة عذاب عشر جحيمات ، أجاب الشيطان : ( سنرى في ذلك اليوم أينا أكثر فعلا ، فإنه سيكون لي ( أنصار ) كثيرون من الملائكة ومن أشد عبدة الأوثان قوة الذين يزعجون الله ، وسيعلم إى غلطة عظيمة أرتكب بطردي من أجل طينة نجسه ) حينئذ قلت : أيها الشيطان أنك سخيف العقل فلا تعلم ما أنت قائل ، فهز حينئذ الشيطان رأسه ساخرا وقال : ( تعال الآن ولنتم هذه المصالحة بيني وبين الله ، وقل أنت يا يسوع ما يجب فعله لأنك أنت صحيح العقل ) أجبت يجب التكلم بكلمتين فقط ، أجاب الشيطان : ( وما هما؟ ) أجبت : هما (( أخطأت فارحمني )) فقال الشيطان: ( اني بمسرة أقبل هذه المصالحة إذا قال الله هاتين الكلمتين لي ) فقلت: انصرف عني الآن أيها اللعين ، لأنك الأثيم المنشيء لكل ظلم وخطيئة ، ولكن الله عادل منزه عن الخطايا ، فانصرف الشيطان مولولا وقال : ( ان الأمر ليس كذلك يا يسوع ولكنك تكذب لترضي الله ) قال يسوع لتلاميذه : أنظروا الآن أنى يجد رحمة ، أجابوا : أبدا يا رب لأنه غير تائب ، أما الآن فأخبرنا عن دينونة الله .
الفصل الثاني والخمسون
الحق أقول لكم أن يوم دينونة الله سيكون رهيبا بحيث أن المنبوذين يفضلون عشر جحيمات على أن يذهبوا ليسمعوا الله يكلمهم بغضب شديد، الذين ستشهد عليهم كل المخلوقات، الحق أقول لكم ليس المنبوذين هم الذين يخشون فقط بل القديسون وأصفياء الله (( كذلك )) ، حتى أن إبراهيم لا يثق ببره، ولا يكون لأيوب ثقة في براءته، وماذا أقول؟ ، بل أن رسول الله سيخاف، لأن الله اظهارا لجلاله سيجرد رسوله من الذاكرة، حتى لا يذكر كيف أن الله أعطاه كل شيء ، الحق أقول لكم متكلما من القلب أني أقشعر لأن العالم سيدعوني إلها، وعلي أن أقدم لأجل هذا حسابا، لعمر الله الذي نفسي واقفة في حضرته أني رجل فان كسائر الناس، على أني وان أقامني الله نبيا على بيت إسرائيل لأجل صحة الضعفاء وإصلاح الخطاة خادم الله، وأنتم شهدا على هذا كيف أني أنكر على هؤلاء الأشرار الذين بعد انصرافي من العالم سيبطلون حق إنجيلي بعمل الشيطان، ولكني سأعود قبيل النهاية، وسيأتي معي أخنوخ وايليا، ونشهد على الأشرار الذين ستكون آخرتهم ملعونة، وبعد أن تكلم يسوع هكذا أذرف الدموع ، فبكى تلاميذه بصوت عال ورفعوا أصواتهم قائلين: اصفح أيها الرب الإله وارحم خادمك البريء، فأجاب يسوع آمين آمين.
الفصل الثالث والخمسون
قال يسوع : قبل أن يأتي ذلك اليوم سيحل بالعالم خراب عظيم، وستنشب حرب فتاكة طاحنة، فيقتل الأب ابنه، ويقتل الابن أباه بسبب أحزاب الشعوب، ولذلك تنقرض المدن وتصير البلاد قفرا، وتقع أوبئة فتاكة حتى لا يعود يوجد من يحمل الموتى للمقابر بل تترك طعاما للحيوانات، وسيرسل الله مجاعة على الذين يبقون على الأرض فيصير الخبز أعظم قيمة من الذهب، فيأكلون كل أنواع الأشياء النجسة، يالشقاء ((ذلك)) الجيل الذي لا يكاد يسمع فيه أحد يقول: (( أخطأت فارحمني يا الله)) يجدفون بأصوات مخوفة على المجيد المبارك إلى الأبد، وبعد هذا متى أخذ ذلك اليوم في الاقتراب تأتي كل يوم علامة مخوفة على سكان الأرض مدة خمسة عشر يوما، ففي اليوم الأول تسير الشمس في مدارها في السماء بدون نور، بل تكون سوداء كصبغ الثوب، وستئن كما يئن أب على ابن مشرف على الموت، وفي اليوم الثاني يتحول القمر إلى دم، وسيأتي دم على الأرض كالندى، وفي اليوم الثالث تشاهد النجوم آخذة في الاقتتال كجيش من الأعداء، وفي اليوم الرابع تتصادم الحجارة والصخور كأعداء ألداء، وفي اليوم الخامس يبكي كل نبات وعشب دما، وفي اليوم السادس يطغى البحر دون أن يتجاوز محله إلى علو مئة وخمسين ذراعا، ويقف النهار كله كجدار، وفي اليوم السابع ينعكس الأمر فيغور حتى لا يكاد يرى، وفي اليوم الثامن تتألب الطيور وحيوانات البر والماء ولها جوار وصراخ، وفي اليوم التاسع ينزل صيب من البرد مخوف بحيث أنه يفتك فتكا لا يكاد ينجو منه عشر الأحياء، وفي اليوم العاشر يأتي برق ورعد مخوفان فينشق ويحترق ثلث الجبال، وفي اليوم الحادي عشر يجري كل نهر إلى الوراء ويجري دما لا ماء، وفي اليوم الثاني عشر يئن ويصرخ كل مخلوق، وفي اليوم الثالث عشر تطوى السماء كطي الدرج، وتمطر نارا حتى يموت كل حي، وفي اليوم الرابع عشر يحدث زلزال مخوف حتى أن قنن الجبال تتطاير منه في الهواء كالطيور، وتصير الأرض كلها سهلا، وفي اليوم الخامس عشر تموت الملائكة الأطهار، ولا يبقى حيا إلا الله وحده الذي له الاكرام والمجد، ولما قال يسوع هذا صفع وجهه بكلتا يديه، ثم ضرب الأرض برأسه ولما رفع رأسه قال: ليكن ملعونا كل من يدرج في أقوالي أني ابن الله، فسقط التلاميذ عند هذه الكلمات كأموات، فأنهضهم يسوع قائلا: لنخف الله الآن إذا أردنا أن لا نراع في ذلك اليوم.
الفصل الرابع والخمسون
فمتى مرت هذه العلامات تغشى العالم ظلمة أربعين سنة ليس فيها من حي إلا الله وحده الذي له الاكرام والمجد إلى الأبد، ومتى مرت الأربعون سنة يحيي الله رسوله الذي سيطلع أيضا كالشمس بيد أنه متألق كألف شمس، فيجلس ولا يتكلم لأنه سيكون كالمخبول، وسيقيم الله أيضا الملائكة الأربعة المقربين، لله الذين ينشدون رسول الله، فمتى وجدوه قاموا على الجوانب الأربعة للمحل حراسا له، ثم يحيي الله بعد ذلك سائر الملائكة الذين يأتون كالنحل ويحيطون برسول الله، ثم يحيي الله بعد ذلك سائر أنبيائه الذين سيأتون جميعهم تابعين لآدم، فيقبلون يد رسول الله واضعين أنفسهم في كنف حمايته ثم يحيي الله بعد ذلك سائر الأصفياء الذين يصرخون : ( أذكرنا يا محمد، فتتحرك الرحمة في رسول الله لصراخهم، وينظر فيما يجب فعله خائفا لأجل خلاصهم، ثم يحيي الله بعد ذلك كل مخلوق فتعود إلى وجودها الأول، وسيكون لكل منها قوة النطق علاوة، ثم يحيي الله بعد ذلك المنبوذين كلهم الذين عند قيامتهم يخاف سائر خلق الله بسبب قبح منظرهم، ويصرخون : ( أيها الرب إلهنا لا تدعنا من رحمتك) وبعد هذا يقيم الله الشيطان الذي سيصير كل مخلوق عند النظر إليه كميت خوفا من هيئة منظره المريع، ثم قال يسوع: أرجو الله أن لا أرى هذه الهولة في ذلك اليوم. ان رسول الله وحده لا يتهيب هذه المناظر لأنه لا يخاف إلا الله وحده، عندئذ يبوق الملاك مرة أخرى فيقوم الجميع لصوت بوقه قائلا: ( تعالوا للدينونه أيتها الخلائق لأن خالقك يريد أن يدينك ، فينظر حينئذ في وسط السماء فوق وادي يهو شافاط عرش متألق تظلله غمامة بيضاء، فحينئذ تصرخ الملائكة: ( تبارك إلهنا أنت الذي خلقتنا وأنقذتنا من سقوط الشيطان ) عند ذلك يخاف رسول الله لأنه يدرك أن لا أحد أحب الله كما يجب، لأن من يأخذ بالصرافة قطعة ذهب يجب أن يكون معه ستون فلسا، فإذا كان عنده فلس واحد فلا يقدر أن يصرفه، ولكن إذا خاف رسول الله فماذا يفعل الفجار المملوؤون شرا؟ .
الأربعاء سبتمبر 29, 2010 3:20 pm من طرف hamdy222
» حقيبة المسلم
الأحد فبراير 28, 2010 4:08 am من طرف hamdy222
» صلوات على محمد لباسم الكربلائى;
الثلاثاء أكتوبر 14, 2008 2:35 pm من طرف Admin
» أسماء الله الحسنى للنقشبندى
الثلاثاء أكتوبر 14, 2008 1:54 pm من طرف Admin
» بروتوكولات حكماء صهيون
الثلاثاء أكتوبر 14, 2008 12:50 pm من طرف Admin
» ربى قعوار ..لماذا أسلمت..؟ 2
الخميس سبتمبر 11, 2008 11:00 am من طرف زائر
» ربى قعوار ..لماذا أسلمت..؟
الخميس سبتمبر 11, 2008 10:58 am من طرف زائر
» افتتاح موقع جديد عن سيدنا رسول الله
الإثنين سبتمبر 01, 2008 11:32 pm من طرف Admin
» كلام من قلب مؤمن...لماذا أسلمت...
الإثنين سبتمبر 01, 2008 11:10 pm من طرف Admin